وثب أحدُ الباطنية على بعض أهلِ الأمير قتادة، صاحِبِ مكة، فقتله بمنًى ظنًّا منه أنه قتادة، فلما سمع قتادةُ ذلك جمع الأشراف والعربَ والعبيد وأهلَ مكَّة، وقصدوا الحاجَّ، ونزلوا عليهم من الجبَلِ، ورموهم بالحجارة والنبل وغير ذلك، وكان أميرُ حجاَّج العراق ولد الأمير ياقوت وهو صبي لا يَعرِفُ كيف يفعَلُ، فخاف وتحيَّرَ، وتمكن أمير مكة من نهب الحاجِّ، فنَهَبوا منهم من كان في الأطراف، وأقاموا على حالهم إلى الليلِ، فاضطرب الحاجُّ، وباتوا بأسوأ حال من شدة الخوفِ مِن القتل والنهب، فقال بعضُ الناس لأمير الحاج لينتقل بالحجَّاج إلى منزلة حجَّاج الشام، فأمر بالرحيل، فرفعوا أثقالَهم على الجمال تؤخَذُ بأحمالها، والتحَقَ مَن سَلِمَ بحجاج الشام، فاجتمعوا بهم، ثم رحلوا إلى الزاهر، ومُنعوا من دخولِ مكة، ثم أذِنَ لهم في ذلك، فدخلوها وتمَّموا حجَّهم وعادوا، ثم أرسل قتادةُ ولده وجماعة من أصحابه إلى بغداد، فدخلوها ومعهم السيوفُ مسلولةً والأكفان، فقَبَّلوا العتبةَ، واعتذروا ممَّا جرى على الحُجَّاج.