هو السلطانُ أبو عبد الله الملك الناصر محمد بن يعقوب المنصور بالله يوسف بن عبد المؤمن بن علي القيسي, أميرُ الموحدين، وأمُّه رومية اسمها زهر. بويعَ له بعد أبيه سنة 595 بعهدٍ من أبيه، وكان أشقَرَ أشهَلَ أسيل الخَدِّ مليح الشكل، كثير الصمتِ والإطراق، شجاعًا مَهيبًا بعيدَ الغور، حليمًا عفيفًا عن الدماء، وفي لسانه لثغةٌ، وكان بخيلًا، وله عِدَّة أولاد. استوزر أبا زيد بن يوجان، ثم عزله، واستوزر الأمير إبراهيم أخاه، وكتب سرَّه ابن عياش، وابن يخلفتن الفازازي، وولي قضاءَه غير واحد. وكان قد استرد تونس والمهدية وما كان استولى عليه عليُّ بن غانية من إفريقيا، كما استولى على طرابلس الغرب وانتزعها من الأميرِ بهاء الدين قراقوش قائد الأيوبيين المصري، كما انتزع جزيرة ميورقة وما حولها من الجزر جزر الباليار من بني غانية، وكانوا نواب المرابطين فيها، وقاتل الأسبان فهزموه في وقعة العقاب عام 609, ولما عاد الناصرُ إلى مراكش أخذ البيعة لولده يوسف الملقب بالمستنصر بالله، ثمَّ احتجب في قصره إلى أن مات في هذا العامِ بعد أن أصيب بمرضٍ أيامًا، ومات في شعبانَ مِن هذه السنة، وكانت أيامُه خمسة عشر عامًا، وقام بعده ابنه المستنصرُ يوسف عشرة أعوام.