كان التركمان الإيوانية قد تغلَّبوا على مدينة أسنة وأرمية، من نواحي أذربيجان، وأخذوا الخراجَ من أهلِها ليكفُّوا عنهم، واغتروا باشتغال جلال الدين بالكرج، وبُعدِهم بخلاط، وازداد طمعُهم، وانبسطوا بأذربيجان ينهبون، ويقطعون الطريقَ، والأخبار تأتي إلى جلال الدين بن خوارزم شاه، وهو يتغافل عنهم لاشتغاله بما هو المهمُّ عنده، فلما اشتد ذلك على الناس وعظُمَ الشَّرُّ أرسلت زوجة جلال الدين ابنة السلطان طغرل ونوابه في البلاد إليه يستغيثون، ويعرفونَه أن البلاد قد خربها الإيوانية، ولئن لم يلحَقْها وإلا هلكت بالمرَّة، فاتفق هذا إلى خوفِ الثلج، فرحل عن خلاط، وجدَّ السير إلى الإيوانية، وهم آمنون مطمئنون؛ لعِلمِهم أن خوارزم شاه على خلاط، وظنوا أنَّه لا يفارِقُها، فلم يَرُعْهم إلا والعساكر الجلالية قد أحاطت بهم، وأخذهم السَّيفُ من كل جانب، فأكثروا القتلَ فيهم، والنهبَ والسبي، واسترقُّوا الحريم والأولاد، وأخذوا من عندهم ما لا يدخلُ تحت الحصر، فرأوا كثيرًا من الأمتعة التي أخذوها من التجَّار بحالها في الشذوات، هذا سوى ما كانوا قد حلوه وفصلوه، فلما فرغ عاد إلى تبريز.