بدأت الحملة الصليبية السادسة سنة 625 (1227م)كمحاولة لإعادة السيطرة على بيت المقدس. بدأت بعد سبع سنوات فقط من فشل الحملة الصليبية الخامسة التي ترأسها الإمبراطور فريدريك الثاني هوهنشتاوفن الألماني الذي نذر النذر الصليبي للحملة السابقة ولم يف به حينها، وأراد الإمبراطور أن يحقق مقاصده دون أن يسحب سيفه من غمده، فتزوج في صيف سنة 622 (1224م) من ابنة ملك بيت المقدس يوحنا دي بريان (يولاندي والمعروفة أيضًا باسم إيزابيلا) وتزوج كذلك من ماريا من مونتفيرات، وأخذ يطالب بعرش مملكة زالت من الوجود من زمان في فلسطين، واستغل الحرب بين الأيوبيين الملك الكامل صاحب مصر مع أخيه الملك المعظم صاحب دمشق ودخل في مفاوضات مع السلطان الكامل، الأمر الذي أثار غضب روما، وقيَّم البابا أونوريوس الثالث مسلك فريدريك الثاني بكل قساوة واتهمه بإهمال قضية الرب؛ بل إنه هدده بالحرمان من الكنيسة وفرض غرامة مقدارها 100 ألف أوقية من الذهب إذا لم تقم الحملة الصليبية في آخر المطاف، وقد أرجئ البدء بها إلى 624 (1226م) وبدأ فريدريك الثاني ببناء السفن واستأنفت روما في الدعوة إلى الحرب المقدسة، ولكن الدعوات قوبلت باللامبالاة، وفي هذه الأثناء، وقبل خمسة أشهر من الموعد المعين، توفي البابا أونوريوس الثالث. وفي صيف 624 (1226م) تجمع بضع عشرات من الآلاف من المجندين، معظمهم من ألمانيا والبقية من فرنسا وإنجلترا وإيطاليا في معسكر قرب برنديزي والبعض الآخر في أبحر صقلية، ولكن الأمراض وقلة المؤن ومرض فريدريك الثاني أدى إلى إرجاء الحملة، ولكن البابا الجديد غريغوريوس التاسع أصدر صك حرمان من الكنيسة بحق فريدريك الثاني، وتشفيًا بالبابا أبحر الإمبراطور فريدريك إلى سوريا 626 (1228م)، فكان من البابا أن منع الحملة الصليبية، ووصف فريدريك بأنه قرصان، وبأنه يريد سرقة مملكة القدس، فكانت أول حملة صليبية لا يباركها البابا، ولكن فريدريك الثاني لم يأبه فاستولى على قبرص ووصل إلى عكا، حيث بدأ المفاوضات مع السلطان الكامل أسفرت سنة 627 (1229م) عن صلح لمدة 10 سنوات تنازل بمقابله الملك الكامل عن بيت المقدس باستثناء منطقة الحرم، وبيت لحم والناصرة وجميع القرى المؤدية إلى القدس، وقسم من دائرة صيدا وطورون (تبنين حاليًّا)، وعزز الإمبراطور الألماني بعض الحصون والقلاع وأعاد تنظيمها، ووقع مع مصر عدّة اتفاقيات تجارية، وتعهد فريدريك الثاني بمساعدة الملك الكامل ضد أعدائه أيًّا كانوا، مسلمين أم نصارى، وضمن عدم تلقي القلاع الباقية خارج سيطرته أية مساعدة من أي مكان. ووقع الاتفاق الذي عرف باتفاق يافا.