قصد السلطان علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو السلجوقي، صاحب بلاد الروم، مدينةَ خلاط، فخرج المَلِكُ الكامل من القاهرة بعسكره، ليلة السبت خامس شعبان، واستناب ابنَه الملك العادل، فوصل إلى دمشق، وكتب إلى ملوك بني أيوب يأمرُهم بالتجهز، للمسير بعساكرهم إلى بلاد الروم، وخرج الكامِلُ من دمشق، فنزل على سلمية في شهر رمضان، ورتَّب عساكِرَه، وسار إلى منبج، فقَدِمَ عليه عسكر حلب، وغيرُه من العساكر، فسار وقد صار معه ستة عشر ملكًا، وقيل: بل كانوا ثمانية عشر ملكًا، فعرَضَهم الكامل على إلبيرة أطلابًا بأسلحتهم، فلكثرة ما أعجب بنفسِه قال: هذه العساكر لم تجتَمِعْ لأحد من ملوك الإسلام، وأمر بها فسارت شيئًا بعد شيءٍ نحو الدربند، وقد جدَّ السلطان علاء الدين في حِفظِ طرقاته بالمقاتلة، ونزل الكامِلُ على النهر الأزرق، وهو بأول بلد الروم، ونزل عساكر الروم فيما بينه وبين الدربند وصعد الرجَّالة إلى فم الدربند، بالقرب من نور كغال، وبنوا عليه سورًا يمنع العساكِرَ من الطلوع، وقاتلوا من أعلاه، فقلَّت الأقوات عند عسكر الكامل، واتَّفَق مع قلة الأقوات وامتناع الدربند نفورُ ملوك بني أيوب من الملك الكامل، بسبب أنَّه حَفِظَ عنه أنَّه لما أعجبته كثرة عساكره بالبيرة، قال لخواصه: إن صار لنا مُلك الرومِ فإنَّا نعوض ملوك الشام والشرق مملكةَ الروم، بدل ما بأيديهم، ونجعل الشامَ والشرق مضافًا إلى مُلك مصر، فحَذِرَ من ذلك المجاهد صاحب حمص، وأعلم به الأشرف موسى صاحب دمشق، وأحضر بني عمِّه وأقاربَه من الملوك وأعلمَهم ذلك، فاتفقوا على الملك الكامل، وكتبوا إلى السلطان علاء الدين بالميلِ معه وخذلان الكامل، وسيَّروا الكتب بذلك، فاتفق وقوعُها في يد الملك الكامل، فكتمها ورحل راجعًا، فأخذ السلطانُ علاء الدين كيقباذ ملك الروم قلعةَ خرتبرت وست قلاع أخر كانت مع الملوك الأرتقية، في ذي القعدة، فاشتدَّ حنقُ الملك الكامل؛ لِما حصل على أمرائه وعساكره من صاحبِ الروم في قلاع خرتبرت، ونسب ذلك إلى أهلِه من الملوك، فتنكَّرَ ما بينه وبينهم.