أغار الخوارزمية على بلاد قلعة جعبر وبالس ونهبوها، وقتلوا كثيرًا من الناس، ففرَّ من بقي إلى حلب ومنبج، واستولى بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل على سنجار، وأخرج منها الملك الجواد يونس بن مودود بن العادل بن نجم الدين أيوب، فسار الجواد إلى الشام، حتى صار في يد الناصر داود بن الملك المعظم، فقبض عليه بغزة يوم الأحد ثامن عشر ذي الحجة، وبعث به إلى الكرك، وانضمَّت الخوارزمية على صاحب الموصل، فصاروا نحو الاثني عشر ألفًا، وقصدوا حلب، فخرج إليهم من حلب، فانكسر وقتل أكثره، وغَنِمَ الخوارزمية ما معهم، فامتنع الناسُ بمدينة حلب، وانتهبت أعمال حلب، وفعل فيها كل قبيح من السبي والقتل والتخريب، ووضعوا السيفَ في أهل منبج، وقتلوا فيها ما لا يحصى عددُه من الناس، وخَرَّبوا وارتكبوا الفواحش بالنساء في الجامع علانيةً، وقتلوا الأطفال, ولا حولا ولا قوة إلا بالله, وعادوا وقد خرب ما حول حلب، وكان الخوارزميَّةُ يظهرون للناس أنهم يفعلون ما يفعلون خدمةً لصاحب مصر، فإنَّ أهل حلب وحمص ودمشق كانوا حربًا على الصالحِ صاحِبِ مصر، فسير المنصور إبراهيم بن الملك المجاهد صاحب حمص، عساكِرَه وعساكر حلب ودمشق، وقطع الفرات إلى سروج والرَّها، وأوقع بالخوارزمية، وكَسَرهم واستولى على ما معهم، ومضوا هاربين إلى عانة.