في سابع رمضان دخل السلطانُ بيبرس حماة، ثم صار منها بالعساكر والعربان، وجرَّد السُّلطان عيسى بن مهنا، والأمير حسام الدين العنتابي، بعسكرٍ إلى البيرة، وجهَّزَ الأمير قلاوون الألفي والأمير بيليك الخازندار – ممسك خزنة المال- بعسكرٍ إلى بلاد سيس؛ وذلك بسبب أن الحاجِبَ معين الدين سليمان بن مهذب الدين علي الديلمي وزير قليج أرسلان الرابع ملك سلاجقة الروم دعاه إليها وحرضه على القدوم، وبسبب أيضا تحالف الأرمنيين مع التتار، فساروا وهجموا على الأرمن في المصيصة، وقتلوا من بها، وكانت المراكِبُ قد حملت معهم على البغال وهي مفصلة، ليعدُوا فيها من نهر جهان والنهر الأسود، فلم يحتَجْ إليها، ووصل السلطانُ على الأثر بعد ما قطع بعساكره النهرَ الأسود وقاسَوا مشقة، وملكوا الجبالَ وغَنِموا عنها ما لا يحصى كثرة، ما بين أبقار وجواميس وأغنام، فدخل السلطانُ إلى سيس في التاسع عشر وعيَّدَ بها، وانتهبها وهدم قصور التكفور ومناظِرَه وبساتينَه، وبعث إلى دربند الروم، فأحضر إليه من سبايا التتار عدة نساء وأولاد، وسَيَّرَ إلى طرسوس، فأُحضِرَ إليه منها ثلاثمائة رأس من الخيل والبغال، وبعث إلى البحر عسكرًا فأخذ مراكب، وقتل من كان فيها، وانبثت الغاراتُ في الجبال، فقتلوا وأسروا وغنموا، وبعث السلطانُ إلى إياس بالعساكر، وكانت قد أُخلِيَت، فنَهَبوا وحَرَقوا وقَتَلوا جماعةً، وكان قد فَرَّ مِن أهلها نحوُ الألفين ما بين فرنج وأرمن في مراكب، فغَرِقوا بأجمَعِهم في البحر، واجتمَعَ من الغنائم ما لا يحصُرُه قَلَمٌ لكثرته، ووصلَت العُربان والعسكَرُ إلى البيرة، وساروا إلى عينتاب وغنموا، فانهزم التتارُ منهم وعادوا، فرحل السلطانُ من سيس إلى المصيصة من الدربند، فلما قطَعَه جعل الغنائِمَ بمرج أنطاكيةَ حتى ملأته طولًا وعرضًا، ووقف بنفسه حتى فرقها، فلما فرغ من القسمة سار إلى دمشق، فدخلها في النصفِ من ذي الحجة.