توجَّه الأميرُ حُسام الدين طرنطاي نائبُ السُّلطة على عسكرٍ كثيرٍ لقتالِ الأمير شمسِ الدين سنقر الأشقر بصهيون، وسَبَبُ ذلك أنَّ السُّلطانَ لَمَّا نازَل المرقب وهي بالقربِ من صهيون، لم يحضُرْ إليه سنقر الأشقر، وبعث إليه ابنَه ناصرَ الدين صمغار، فأسَرَّها السلطانُ في نفسِه، ولم يمكِّنْ صمغار من العودِ إلى أبيه وحَمَله معه إلى مصر، واستمَرَّ الحالُ على ذلك حتى هذه السنة، فسار طرنطاي ونازل صهيونَ حتى بعث الأشقر يطلُبُ الأمانَ فأمَّنَه، ونزل سنقر إليه ليسَلِّمَ الحصن، فخرج طرنطاي إلى لقائِه ماشيًا، فنزل سنقر عندما رآه وتعانقا، وسار سنقر إلى مخيم طرنطاي، وقد خلع طرنطاي قباءَه وفَرَشه على الأرض ليمشيَ عليه سنقر، فرفع سنقر القباءَ عن الأرض وقَبَّله ثمَّ لَبِسَه، فأعظم طرنطاي ذلك من فِعلِ سنقر، وشَقَّ عليه وخَجِلَ، وأخذ يعامل سنقر من الخدمة بأتمِّ ما يكون، وتسَلَّمَ طرنطاي حصن صهيون، ورتَّبَ فيه نائبًا وواليًا وأقام به رجالًا، بعد ما أنفق في تلك المدَّة أربعَمائة ألف درهم في العسكر الذي معه، فعتب عليه السلطانُ، ثم سار طرنطاي إلى مصر ومعه سنقر الأشقر حتى قَرُب من القاهرة، فنزل السلطان من قلعة الجبل، وهو وابنُه الملك الصالح علي، وابنُه الملك الأشرف خليل، وأولاد الملك الظاهر، في جميعِ العساكر إلى لقاءِ سنقر الأشقر، وعاد به إلى القلعةِ، وبعث إليه الخِلَع والثيابَ وحوائِصَ الذَّهَب والتُّحَف والخيولَ، وأنعم عليه بإمرةِ مائة فارس وقَدَّمَه على ألف، فلازم سنقر الخِدمةَ مع الأمراءِ إلى سابع عِشْرِي شهر رجب، وخرج السلطان من قلعة الجبل سائرًا إلى الشام، فأقام بتل العجول ظاهِرَ غَزَّة.