خرج الملِكُ الأشرَفُ مِن دمشق من يوم الاثنين سادس عشر جمادى الأولى، فدخل حَلَب في الثامن عشر، وخرج منها في رابعَ جمادى الآخرة يريدُ قلعةَ الروم فنزل عليها يومَ الثلاثاء ثامِنَه، ونصب عشرينَ منجنيقًا ورمى عليها، وعُمِلَت النقوبُ وعَمِلَ الأمير سنجر الشجاعي نائب دمشق سلسلةً وشَبَكَها في شراريفِ القلعة وأوثق طرفَها بالأرض، فصعد الأجنادُ فيها وقاتلوا قتالًا شديدًا، ففتح اللهُ القلعةَ يوم السبت حادي عشر رجب عَنوةً، وقَتَلَ من بها من المقاتلة، وسَبى الحريمَ والصبيان، وأخذ منها بترك الأرمن وكان بها فأُسِر، وكانت مدة حصارِها ثلاثة وثلاثين يومًا، وقد سماها السلطانُ قلعةَ المسلمين فعرفت بذلك، وحَمَل إليها زردخاناه- خزانة الأسلحة- وألفين ومائتي أسير، واستُشهِدَ عليها الأمير شرف الدين بن الخطير، فلما وردت البشائِرُ إلى دمشق بفتحِ قلعة الروم زُيِّنَت البلد ودُقَّت البشائر، ورتَّبَ السلطان الأميرَ سنجر الشجاعي نائبَ الشام لعمارة قلعة المسلمين، فعَمَر ما هدَّمَته المجانيق والنقوب، وخَرَّب رَبضَها، وعاد السلطانُ راجعًا يوم السبت الثامن عشر، فأقام بحلب إلىَ نصف شعبان، وعزل قرا سنقر عن نيابة حلَب، وولَّى عِوَضَه الأميرَ سيف الدين بلبان الطباخي المنصوري، ورتَّبَ بها الأميرَ عِزَّ الدين أيبك الموصلي شاد الدواوين، ورحل السلطان إلى دمشق، فدخلها في الثانية من يوم الثلاثاء العاشر من شعبان، وبين يديه بترك الأرمن صاحبُ قلعة الروم وعِدَّة من الأسرى.