قدم البريدُ مِن حَلَب بعبور قرا سنقر ومن معه من الأمراء إلى بلاد التتار، وأنهم بَعَثوا بأولادهم وحريمهم إلى مصر، فكان مِن خَبَرِهم أنهم لما وصلوا إلى الرحبة انقطع كثيرٌ ممن تَبِعَهم من المماليك والتركمان، فبعث قرا سنقر ولَدَه الأمير فرجًا، وبعث الأفرم ولده موسى مع بعض من يُوثَقُ به، وأُمِرَا بتقبيلِ الأرض بين يَدَيِ السلطان، وأنْ يُبَلِّغاه أنَّ الأمراء ما حملَهم على دخولِ بلاد العدو إلَّا الخوفُ، وأن الأولادَ والحريمَ وداعه، فلْيَفعَلِ السلطان معهم ما يليقُ به، فقَدِما إلى القاهرة، وبَقِيَا في الخدمة، وسار الأمراءُ إلى ماردين، وكتبوا إلى خربندا بقُدومِهم، فبعث أكابِر المغول إلى لقائهم، وتقَدَّم إلى ولاة الأعمال بخِدمتِهم والقيامِ لهم بما يليق بهم، فلما قاربوا الأرد وركب خربندا وتلقاهم، وترجَّل لهم لَمَّا ترجلوا له، وبالغ في إكرامِهم وسار بهم إلى مخيَّمِه، وأجلسهم معه على التخت، وضَرَبَ لكُلٍّ منهم خركاه- خيمة- ورَتَّب لهم الرواتب السَّنيَّة، ثم استدعاهم بعد يومين، واختلا بقرا سنقر، فحَسَّنَ له عبورَ الشَّام، وضَمِنَ له تسليمَ البلاد بغير قتال، ثم خلا بالأفرم فحَسَّنَ له أيضًا أخْذَ الشام، إلَّا أنَّه خَيَّلَه من قوة السلطان وكثرةِ عساكره، فأقطع خربندا مراغة لقرا سنقر، وأقطع همذان للأفرم، واستمَرُّوا هكذا.