قُبِضَ على الأمير جمال الدين آقوش الأشرفي المعروفِ بنائب الكرك في يوم الخميس نصف جمادى الآخرة، وهو يومئذٍ نائِبُ طرابلس وسُجِنَ بقلعة صرخد، ثم نقِلَ في مستهل شوال إلى الإسكندرية فسُجِنَ بها، ونزل النشو إلى بيتِه بالقاهرة، وأخذ موجودَه كُلَّه وموجودَ حَريمِه، وعاقَبَ أستادراه، واستقَرَّ عِوَضَه في نيابة طرابلس الأميرُ طينال على عادته، ونُقِلَ بكتمر العلائي إلى نيابة حمص، عوضًا عن بشاش المتوفى، وسبب ذلك كلِّه أنَّه تراءى بطرابلس مرَكبٌ للفرنج في البحر، فرَكِبَ العسكر إلى الميناء، فدفعت الريحُ المركَبَ عن الميناء ثم أخذ الأميرُ آقوش في تجديد عمارة مركب هناك، وأنفق فيه من مالِه أربعينَ ألف درهم، فقَدِمَت مركب الفرنج، فركب العسكَرُ في المركب المستجَدِّ، وقاتلوا الفرنجَ، فقتلوا منهم جماعةً وغَنِموا مركَبَهم بما فيها، فادَّعى صاحِبُها أنَّه تاجِرٌ قَدِمَ بتجارته، فنُهِبَت أموالُه وقُتِلَت رجالُه، وذُكِرَ عنه بعضُ التجَّار أنه متحَرِّم لا تاجر، وأنَّه قَدِمَ في السنة الماضية إلى ميناء طرابلس وأخَذَ منها مركبًا، فكتب آقوش بذلك إلى السلطان، فأجيب بالشُّكرِ وحَمْل الفرنجي إلى السلطان، فحَمَله آقوش مقيدًا على البريد، فأكثَرَ الفرنجيُّ من التظلم، وتبرأ من التحَرُّم في البحر، وأنه قَدِمَ بتجارة وهدية للسُّلطانِ، فظَلَمَه نائب طرابلس وأخذ ما كان معه من التحَفِ وغيرها، فصَدَّقه السلطان، وكتب بإعادة مركَبِه إليه وجميعِ ما أُخِذ له، فأجاب النائبُ بأن المذكور حرامي يقطع الطريقَ على المسلمين، فلا يَسمَع السلطانُ قَولَه، وكتب إليه بالتأكيدِ في رَدِّ المركب عليه، فرَدَّها النائب عليه، وشَقَّ ذلك عليه، ثمَّ طلب آقوش الإعفاءَ من نيابة طرابلس فأُجيبَ بتخييره بين نيابةِ صرخد وبعلبك، وبَعَث السلطان إليه الأمير برسبعا الحاجب، فسار به إلى دمشق، فقَبَض عليه تنكز بدار السعادة، وحَمَلَه إلى صرخد.