أَسرَّ السلطانُ والأمراء مدَبِّرو الدولة إلى أمير الحاجِّ ومَن بصحبته من الأمراء أن يقبضوا على الشَّريفِ ثُقبة، ويقَرِّروا الشريفَ عَجلان بمُفردِه على إمارة مكَّة، فلمَّا قَدِمَ الحاج بطن مر، ومضى عجلانُ إلى لقائهم، شكا إلى الأمراءِ من أخيه ثقبة، وذكر ما فعلَه معه، وبكى، فطَمَّنوا قَلْبَه، وساروا به معهم حتى لَقِيَهم ثقبة في قوَّاده وعبيده، فألبسوه خِلعةً على العادة، ومَضَوا حافِّينَ به نحو مكَّةَ، وهم يحادثونَه في الصلح مع أخيه عجلان، ويحَسِّنونَ له ذلك، وهو يأبى موافقَتَهم حتى أيِسُوا منه، فمَدَّ الأمير كشلى يده إلى سَيفِه فقَبَض عليه، وأشار إلى من معه فألقَوه عن فرَسِه، وأخذوه ومعه ابنٌ لعُطَيفة، وآخَرُ من بني حسن، وكبَّلوهم بالحديد، ففَرَّ القوَّادُ والعبيد، وأُحضِرَ عَجلانُ، وأُلبِسَ التشريف، وعبروا به إلى مكة، فلم يختلف عليهم اثنانِ، وسُلِّمَ ثُقبةُ للأمير أحمد بن آل ملك، فسُرَّ الناس بذلك، وكَثُرَ جَلبُ الغلال وغيرها، فانحَلَّ السِّعرُ وقُبِضَ على إمام الزيدية أبي القاسم محمد بن أحمد اليمني، وكان يصَلِّي في الحرم بطائفَتِه ويتجاهَرُ، ونَصَب له منبرًا في الحَرَمِ يخطُبُ عليه يوم العيد وغيره، بمَذهبِه، فضُرِبَ بالمقارع ضربًا مبَرِّحًا ليرجِعَ عن مذهبه، فلم يرجِعْ وسُجِنَ، ففَرَّ إلى وادي نخلة، فلما انقضى موسِمُ الحاجِّ حُمِل الشريف ثقبة مُقَيَّدًا إلى مصرَ.