هو الإمامُ العالمُ الفقيه المحَدِّث النحوي الناظِمُ: تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب ابن العلامة الفقيه قاضي القضاة تقي الدين علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام الأنصاري السلمي السبكي الشافعي، قاضي قضاة دمشق بها، ولد بالقاهرة سنة 728. قال الصفدي: "عُنِيَ تاج الدين بالرواية وسمع كثيرًا، وقرأ بنفسه على شيخنا شمس الدين الذهبي كثيرًا من مصنفاته وغيرها، وأفتى ودرَّس، ونظم الشعر وعمل الألغاز، وراسلني وراسلته، وبالجملة فعِلمُه كثيرٌ على سِنِّه" جرت له مِحَنٌ فاتُّهِمَ بالكفر واستحلالِ الخَمرِ؛ قال ابن كثير: " عُقِدَ مجلس بسبب قاضي القضاة تاج الدين السبكي، ولما كان يوم الاثنين الرابع والعشرين من ربيع الأول عُقِدَ مجلس حافل بدار السعادة بسَبَبِ ما رمي به قاضي القضاة تاج الدين الشافعي ابن قاضي القضاة تقي الدين السبكي، وكنت ممَّن طُلِب إليه، فحضرته فيمن حضر، وقد اجتمَع فيه القضاةُ الثلاثة، وخَلقٌ من المذاهب الأربعة، وآخَرون من غيرهم، بحضرة نائب الشام سيف الدين منكلي بغا، وكان قد كُتِبَ فيه محضران متعاكسانِ أحدهما له والآخر عليه، وفي الذي عليه خَطُّ القاضيين المالكي والحنبلي، وجماعةٍ آخرين، وفيه عظائِمُ وأشياء منكرة جدًّا ينبو السَّمعُ عن استماعه. وفي الآخَرِ خطوطُ جماعات من المذاهب بالثناء عليه، وفيه خَطِّي بأني ما رأيتُ فيه إلا خيًرا, وكثُرَ القول فيه وارتفعت الأصوات وكَثُر الجدال والمقال، وطال المجلِسُ، فأشار نائِبُ السلطنة بالصُّلحِ بينهم وبين قاضي القضاة تاج الدين، فأشار شيخ شرف الدين ابن قاضي الجبل وأشرت أنا أيضًا بذلك، فقُمْنا والأمر باقٍ على ما تقدم، ثم اجتَمَعْنا يوم الجمعة بعد العصر عند نائب السلطنةِ عن طلبه فتَراضَوا كيف يكونُ جواب الكتابات مع مطالعة نائب السلطنة، ففعل ذلك وسار البريدُ بذلك إلى الديار المصرية، ثم اجتمَعْنا أيضًا يوم الجمعةِ بعد الصلاة التاسِعَ عشر من ربيع الآخر بدار السعادة، وحضر القضاةُ الثلاثة وجماعة آخرون، واجتهد نائبُ السلطنة على الصلح بين القضاة وقاضي الشافعية وهو بمصر، فحصل خلافٌ وكلام طويل، ثم كان الأمرُ أن سكنت أنفُسُ جماعة منهم.". لتاج الدين السبكي تصانيفُ، منها طبقات الشافعية الكبرى، وجمع الجوامع في أصول الفقه، والأشباه والنظائر، وشرح منهاج البيضاوي، وشرح مختصر ابن الحاجب، وكان درس بالعادلية والغزالية والأمينية والناصرية ودار الحديث الأشرفية والشامية البرانية، وباشر قضاءَ دمشقَ أربَعَ مَرَّات، وخطَبَ بالجامِعِ الأموي. توفِّيَ في عصر يوم الثلاثاء السابع من ذي الحجَّة مُتأثِّرًا بالطاعون، ودفِنَ بسفح قاسيون، عن أربعٍ وأربعين سنة.