في شَهرِ جمادى الأولى اتَّفَق بناحية برما من الغربية أنَّ طائفة من مُسلِمةِ النصارى، صَنَعوا عُرسًا جمعوا فيه عِدَّةً من أرباب الملاهي، فلما صَعِدَ المؤذن ليسَبِّحَ الله تعالى في الليل على العادة، سَبُّوه وأهانوه، ثم صَعِدوا إليه وأنزلوه، بعدما ضربوه، فثار خطيب الجامِعِ بهم؛ ليُخَلِّصَه منهم، فأوسعوه سبًّا ولعنًا وهَمُّوا بقتله وقَتْلِ من معه، فقَدِمَ إلى القاهرة في طائفة، وشكَوا أمرهم إلى الأمير سودن النائب، فبعث بهم إلى الأمير جركس الخليلي؛ من أجل أن ناحية برما من جملة إقطاعه، فلم يَقبَلْ أقوالهم، وسَجَن عِدَّةً منهم، فمضى من بَقِيَ منهم إلى أعيان الناس، كالبلقيني وأمثاله، وتوجَّهَ الحافظ المعتمد ناصر الدين محمد فيق إلى الخليلي، وأغلَظَ عليه حتى أفرج عمَّن سَجَنَه، فغضب كثيرٌ من أهل برما واستغاثوا بالسلطانِ، فأنكر على الخليلي ما وقع منه، وبعث الأميرَ أبدكار الحاجِبَ للكشف عما جرى في برما، فتبين له قُبحُ سيرة المسألة فحمَلَهم معه إلى السلطان، فأمر بهم وبغُرَمائِهم أن يتحاكموا إلى قاضي القضاة المالكية، فادعى عليهم بقوادِحَ، وأُقيمَت البَيِّنات بها فسجَنَهم، واتفق أن الخليلي وقعت في شونة قصب له نارٌ أحرقتها كلها، وفيها جملة من المال، وحدث به وَرَمٌ في رجله، اشتد ألمه فلم يزل به حتى مات؛ وذلك عقوبة له لمساعدةِ أهل الزندقة!