كان جركس الخليلي أميرًا على الحاج، وكان السلطانُ أوصاه بعَزلِ الصبي المنصوب الشريف محمد أحمد بن عجلان وأن يستبدلَ به الشَّريفَ أبي عنان بن مغامس، والقبض على عمِّ الصبي كبيش بن عجلان، ولما وصل الحاجُّ إلى مكة وخرج الصبيُّ لتلَقِّي المَحمَل الخلافي، وقد أرصد الرجال للبطش بكبيشٍ وأميره المنصوبِ، فقعد كبيش عن الحضور، وجاء الصبي وترجَّلَ عن فَرَسِه لتقبيلِ خُفِّ الجَمَل الذي عليه المحمل كالعادة، وثب به أولئك المُرصَدون طعنًا بالخناجر يظنونَه كبيشًا, وفَطِنَ كبيش لذلك فجمع عساكِرَه وخرج من مكة بهم خوفًا على نفسِه وخوفًا على الحاجِّ من النهب, وحجَّ النَّاسُ آمنين، وأقام الأمراءُ لابسين السلاح سبعة أيام؛ خوفًا من الفتنة، فلم يتحَرَّكْ أحد، وقرر جركس الخليلي الشريف أبي عنان خِلعَتَه، وتسَلَّم مكة، وخطب له بها. ثم التقى كبيش بن عجلان ببطا الخاصكي رأس المبشرين، فقال له: أعلِمِ السلطانَ أنني طائعٌ، وأنني منعت العَرَبَ مِن نهب الحاجِّ، وأنني لا أرجع عن طَلَبِ ثأري من غريمي الشَّريفِ أبي عنان، وفَرَّقَ الخليلي بمكة صدقاتٍ كثيرةً جدًّا.