جرت في ليلة الاثنين ويوم الاثنين خامس رجب شنائع؛ وذلك أن مماليك السلطان سكان الطباق بالقلعة نشؤوا على مقت السلطان لرعيَّته، مع ما عندهم من بغض الناس، فنزل كثير منهم في أول الليل، وأخذوا في نهب الناس، وخَطْف النساء والصبيان للفساد، واجتمع عدد كثير من العبيد السود، وقاتلوا المماليك، فقُتِلَ من العبيد خمسة نفر، وجُرِح عدة من المماليك، وخُطِف من العمائم وأخذ من الأمتعة شيء كثير، فكان ذلك من أقبح ما سُمِع به، ثم أخذ المماليك في تتبع العبيد، فقتلوا منهم جماعة، ففر كثيرٌ منهم من القاهرة، واختفى كثيرٌ منهم، فلما نودي بذلك سكن ذلك الشر، وأمِنَ الناس على عبيدهم بعد خوف شديد، ثم نودي بألا يحمِلَ أحد من العبيد السلاح، ولا سيفًا ولا عَصًا، ولا يمشي بعد المغرب، وأن المماليك لا تتعرض لأحد من العبيد، ثم رُسِمَ بمنع المماليك من النزول من طباقهم بالقلعة إلى القاهرة، وذلك أنهم صاروا ينزلون طوائف طوائف إلى المواضع التي يجتمع بها العامة للنزهة، ويتفنَّنوا في العبث والفساد، من أخذ عمائم الرجال واغتصاب النساء والصبيان، وتناوُل معايش الباعة، وغير ذلك، فلم يتم منعُهم، ونزلوا على عادتهم السيئة!!