حاول الأمير جانم نائب دمشق قبل هذا أن يتسلطنَ، ولكنه كان يخاف، وكان قد أرسل ولده يحيى في السنة الماضية إلى مصر أيام السلطان المؤيد أحمد وكلم بعض الأمراء بذلك وبعضهم وعده أن يقِفَ معه، حتى إنَّ أمر سلطنة خشقدم السلطان الحالي كان على أساس أنه يكون مؤقتًا؛ لأن كثيرًا من الأمراء كاتبوا الأمير جانم على أنهم يسلطنونه وأرسلوا له أن يحضُرَ إلى مصر لذلك؛ لذا فإن جانم هذا وفي هذا شهر جمادى الأولى من هذا العام أرسل يدعو تركمان الطاعة إلى موافقته، كما أنه دُعي لجانم على منابر ديار بكر، ثم ورد الخبر بأن جانم نائب الشام كان عدَّى الفرات في جمعٍ كثير من المماليك وتركمان حسن بك بن قرايلك، وسار بعساكره حتى وصل إلى تل باشر من أعمال حلب، وتجهَّز نائب حلب لقتاله، ففي الحال عين السلطان تجريدةً إلى حلب لقتال جانم ثمَّ رسم بإبطال التجريدة، وسَبَبُ ذلك ورود الخبر من نائب حلب بعود جانم على أقبحِ وجه، وأن جماعة كثيرة من مماليكه فارقوه، وقَدِموا إلى مدينة حلب، وأمرُ رجوع جانم أنَّه كان لما وصل إلى تل باشر وقع بينه وبين تركمان حسن بك- الذين كانوا معه- كلامٌ طويل، فتركوه وعادوا، فتلاشى أمر جانم لذلك وعاد، ثم في يوم الثلاثاء الثالث عشر ربيع الآخر من سنة 867 ورد الخبر من جانبك التاجي نائب حلب أن جانم نائب الشام قُتِل بمدينة الرها، وقد اختُلِف في قتله على أقاويل.