هو الأمير يحيى ابن الأمير الخير الفقيه يشبك المؤيدي سبط السلطان المؤيد شيخ، ولد في ربيع الأول سنة 842, وأمه الخوند آسية بنت السلطان شيخ كانت خيِّرة ديِّنة، عارفة بطرائق الخوندات، ولها شهرة وذكر. مات أبوها السلطان المؤيد وقد زادت على أربع سنين. فتزوجها أبوه الأمير الخير الفقيه يشبك وهو من موالى أبيها بعد موته، وكان لالتها - مربيها- نشأ يحي في عز, فقرأ القرآن واشتغل يسيرًا وجوَّد الكتابة عند البرهان الفرنوي وغيره، وتقدم فيها بحيث كتب بخطه أشياء بديعة، وكان مع ذلك متقدمًا في الفروسية بسائر أنواعها، كالرمح والسيف والدبوس والنشاب وسَوق الخيل، بحيث إنه ساق المحمل عدة سنين، مع حسن المحاضرة والشكالة ولطف العشرة والظرف وجودة الفهم ومزيد الإسراف على نفسه، وتزوج ابنة المحب بن الشحنة واستولدها ابنة ماتت في حياتهما ثم فارقها, وعظُمَ ميل أبيه إليه ومحبته فيه حتى إنه كان المستبدَّ بكثير من الأمور أيام مباشرته الدوادارية الكبرى مع شدة مبالغته في طواعية والده ومزيد خدمته له، وقد رقاه الظاهر خشقدم وأمره بعد سنطباي وغيره وصار أمير أربعين، وسافر في أيامه إلى الحجاز أمير الركب الأول وإلى البلاد الشامية لتقليد بعض النواب ورجع بمال كثير وابتدأ به التوعك من ثمَّ، بحيث أشرف على الموت وتحدَّث به الناس حتى بمكة, ونزل السلطان للسلام عليه وعالجه الأطباء خصوصًا المظفر محمود الأمشاطي حتى نجع ثم انتقض عليه بعد بمدة وتنوعت به الأمراض كالسل ونحوه، بل يقال إنه عرض له داء الأسد وأقام مدة واختلف الأطباء عليه وأكثروا له من الحقن إلى أن انتحل، وتخلى مما عسى أن يكون كل هذا سببًا للتكفير عنه. ومات يحيى وأبوه في دمياط وأمه تقالبه يوم الجمعة السادس عشر رمضان سنة ست وسبعين وصُلي عليه من الغد في جمع حافل جدًّا فيه السلطان، ودفن بالمؤيدية مدرسة جده، قال السخاوي: "بلغني عن المحب بن الشحنة أنه لم يخلف بعده في أبناء الترك مثله- سامحه الله وإيانا وعوضه وأبويه الجنة"