لم تنجح محاكم التفتيش التي أقامها الصليبيون الإسبان ولا الأساليب التي اتبعوها في إجبار المسلمين على ترك دينهم كما تريد الكنيسة التي أدركت مدى عمق الإيمان بالعقيدة الإسلامية في نفوس الموريسكيين، فقررت إخراجهم من إسبانيا، فأصدر مجلس الدولة بالإجماع في (30/1/1608م) قرارًا بطرد جميع الموريسكيين من إسبانيا، ولم يحُلَّ شهر أكتوبر عام (1609م) حتى عمَّت موانئَ المملكة وبلنسية من لقنت جنوبًا إلى بني عروس شمالًا حركةٌ كبيرة، فرحل بين (9/1606م) إلى (1/1610م) نحو 120 ألف مسلم من موانئ لقنت ودانية والجابية ورصافة وبلنسية وبني عروس وغيرها, وفي (5/1611م) صدر قرار إجرامي للقضاء على المتخلِّفين من المسلمين في بلنسية، يقضي بإعطاء جائزة ستين ليرة لكل من يأتي بمسلم حي، وله الحق في استعباده، وثلاثين ليرة لمن يأتي برأس مسلم مقتول، وقد بلغ عدد من طُرِد من إسبانيا في الحقبة بين سنتي (1609 و1614م) نحو 327 ألف شخص، مات منهم 65 ألف غرقًا في البحر، أو قُتلوا في الطرقات، أو ضحية المرض والجوع والفاقة، وقد استطاع 32 ألف شخص من المطرودين العودة إلى ديارهم في الأندلس، بينما بقي بعضهم متسترًا في بلاده بعد الطرد العام لهم، وقد استمرَّ الوجود الإسلامي بشكل سري ومحدود في الأندلس في القرنين السابع عشر والثامن عشر. وهكذا حكمت محاكم التفتيش في غرناطة سنة (1726م) على ما لا يقل عن 1800 شخص، بتهمة اتباع الدين الإسلامي، وفي (9/5/1728م) احتفلت غرناطة بأوتوداف ضخم؛ حيث حكمت محاكم التفتيش على 64 غرناطيًّا بتهمة الانتماء للإسلام، وفي (10/10/1728م) حكمت محكمة غرناطة مرة أخرى على ثمانية وعشرين شخصًا بتهمة الانتماء إلى الإسلام، وتابعت محاكم غرناطة القبض على المتهمين بالإسلام إلى أن طلبت بلدية المدينة من الملك سنة (1729م) طرد كل الموريسكيين حتى تبقى المملكة نقية من الدم الفاسد.