كانت أوروبا تعيش انقساماتٍ سياسيةً ودينية خطيرة، أدى ذلك إلى أن تنوعت مواقفُ الدول الأوروبية من الدَّولة العثمانية حسَبَ ظروف كلِّ دولة، فكان تشارلز الخامس ملك الإمبراطورية الرومانية المقدَّسة ينافسُ فرانسوا الأول ملِكَ فرنسا على كرسيِّ الحكم للإمبراطورية الرومانية، فرأى فرانسوا الأولُ أن يكسِبَ الدولة العثمانية صديقاً له، فوقف منها موقِفَ التودد والرغبة في الوِفاق ، فبدأت مفاوضات فرنسا مع الدولة العثمانية بعد معركة "بافيا" بين فرنسا وألماني والتي أسِرَ فيها ملك فرنسا "فرانسوا الأول" سنة 931هـ فأرسلت والدتُه والوصيةُ على العرش مبعوثَها ومعه خطابٌ منها وخطاب من الملك الأسير يطلبان فيهما مهاجمة قوات ألمانيا وإطلاق سراح الأسير، وعلى الرغمِ من أن الأسير أُطلق بموجب معاهدة بين فرنسا وألمانيا إلَّا أن فرنسوا بعد إطلاق سراحه أرسل في سنة 941هـ سكرتيره إلى السلطان سليمان القانوني؛ بهدف عقد تحالفٍ في شكل معاهدة، سُمِّيت فيما بعد بـ "معاهدة الامتيازات العثمانية الفرنسية"، وكان من نتائج هذه المعاهدة زيادة التعاون بين الأسطولين الفرنسي والعثماني، وكانت هذه الامتيازاتُ التي أُعطيت للدولة الفرنسية أوَّلَ إسفين يُدَقُّ في نعش الدولة العثمانية حيث ظهرت آثاره البعيدةُ فيما بعد! وتسببت في التسلط الغربي على العالمِ الإسلاميِّ، وكانت الاستفادة من المعاهدة تكاد تكون مقصورةً على فرنسا ورعاياها، في حين لم تستفِد الدولة العثمانية ورعاياها من هذه المعاهدة بكبيرِ فائدة، بل مهَّدت فيما بعد لقدومِ جيوش الاستعمار الأوروبي النصراني؛ بحجَّة حماية المصالح الاقتصادية الأوروبية في المنطقة!!