كانت الأسرة الوطاسية هي الحاكمةَ على فاس بزعامة أبي العباس أحمد بن أبي عبد الله محمد، وكانت الأسرةُ السعدية أخذت في التوسُّع بزعامة أبي العباس أحمد الأعرج وانتقلت من مراكش، وهدَّدت سلطنة الوطاسيين، فقامت بين الأسرتين حروبٌ دامت أيامًا، تعتبر وقعةُ بير عقبة من أعظم الوقعاتِ التي كانت بين الوطاسيين والسعديين، وتحدَّث بها العامة في أنديتهم كثيرًا وبالغوا في وصفِها والإخبار عنها، وقد ذكرها شعراؤهم في أزجالهم-نصوصهم- الملحونة، وهي محفوظة فيما بينهم، وذلك أنَّه لَمَّا طمى عباب السعديين على بلاد الحوز وكادوا يَلِجون على الوطاسيين دارَ مُلكِهم من فاس، نهض إليهم السلطان أبو العباس أحمد الوطاسي أواخِرَ سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة يجرُّ الشوك والمدَر في جمعٍ كثيف من الجند وقبائل العرب في حُلَلِها وظُعُنها، وجاء أبو العباس السعدي في قبائل الحوز بحللها وظعنها كذلك. فكان اللقاءُ بمشروع بير عقبة- أحد مشاريع وادي العبيد- من تادلا، فنشبت الحرب وتقاتل الناسُ وبرز أهل الحفائظ منهم والتراث، وقاتل الناسُ على حرمهم وأحسابهم وعِزِّهم، فأفنى بعضهم بعضًا إلا قليلًا، ودامت الحرب أيامًا على ما قيل إلى أن كانت الهزيمة على الوطاسيين؛ وذلك بسبب تخلي قبائل الخلوط التي كادت تكون القوةُ الأمامية للجيش الوطاسي؛ مما أدى إلى انتشار الفوضى في سائر جيش الوطاسيين, وعلى إثر هذه الهزيمة عُقِد صلحٌ بين الطرفين في مدينة تادلا يقضي بتقسيم البلاد بين الأسرتين، وبموجِبه انسحب الوطاسيون إلى فاس وبقيت تادلا بيد الشريفِ السعدي أبي العباس أحمد الأعرج، وأظهرت هذه المعركة قوةَ السعديين.