كان تحرير نيس من أيدي الإسبان- بعد اتفاق الفرنسيين مع العثمانيين ضد الإسبان- قد أثار ثائرة النصارى جميعًا في أوروبا ضد هذا التصرُّف الفرنسي، وأخذت الدعايةُ المضادة للمسلمين تجتاحُ أرجاء أوروبا، يحمِلُها الإسبان وغُلاة الصليبية، ويستثمرونها إلى أقصى الحدود، ومن ذلك قولهم: إنَّ خير الدين بربروسا القائدَ العثماني قد اقتلع أجراسَ الكنائس، فلم تعُدْ تَسمع في طولون إلا أذان المؤذنيين, وبقي خير الدين والجندُ الإسلامي بمدينة طولون حتى هذه السنة، وكان شارلكان ملك إسبانيا أثناء ذلك قد هاجم شمال شرقي فرنسا وانهزم تحت جدران شاتوتييري، ثم اضطرَّ للذهاب إلى ألمانيا؛ حيث كانت حركة التمرد البروتستانتي ضد الكاثوليكية بصفة عامة- وضده بصورة خاصة- قد أخذت أبعادًا خطيرة، وأرغمه ذلك بعد أن هوى نجمُه وذبُل عوده نتيجة نكبته أمام الجزائر إلى عقد معاهدة مع ملك فرنسا (في 18 أيلول سبتمبر 1544م) في مدينة كريسبي دي فالوا، ونتج عن هذه المعاهدة جلاءُ خير الدين وقواته عن مدينة طولون, ورجع إلى العاصمة إستانبول.