لما غلب السلطانُ محمد الشيخ السعدي على أخيه أبي العباس أحمد الأعرج، واستولى على مراكش، طَمِحَت نفسه للتوغل في بلاد المغرب وقراه، فتفرغ لحرب بني وطاس ونكَثَ ما كان بينه وبينهم من الصلح، وردَّد إليهم البعوث والسرايا وأكثَرَ فيهم من شَنِّ الغارات، وصار يستلبُهم البلادَ شيئًا فشيئًا إلى أن استولى عليها، وكان أولُ ما ملك من أمصار المغرب مكناسة الزيتون افتتحها العام الماضي, ثم تقدَّم إلى فاس فألح عليها بالقتال وضايقها بالحصار مدةً قريبة من السنة، ثم استولى عليها بعد أن أسَرَ سلطانها أبا العباس أحمد الوطاسي وصار في قبضته، ولَمَّا دخلها قبض على الوطاسيين جميعًا وبعث بهم مُصَفَّدين إلى مراكش، عدا أبا حسون أخا أبي العباس الوطاسي المخلوع؛ فإنه فرَّ إلى الجزائر.