كانت إيطاليا وإسبانيا تقدران أهمية جزيرة قبرص، وشاع في أوروبا تكوُّنُ حِلف ضِدَّ السلطان، ولكن لم يُعمَلْ شَيءٌ في حينه لإنقاذ قبرص من العثمانيين الذين نزلوها بقوة كاسحة، نفذت إلى الجزيرة بدون صعوبة، ووقفت مدينة فامرجستا الحصينة أمام العثمانيين بقيادة باحليون وبراجادنيو الذين واجهوا القوة العثمانية التي بلغ عددُ مقاتليها مائة ألف, واستعمل خلالها العثمانيون جميعَ وسائل الحصار المعروفة، مِن فَرٍّ وكَرٍّ، وزرع للألغام، ولم ينتج أي تأثير على الحامية، ولو وصلت قوة النصرانية للنجدة، لصار العثمانيون في خطرٍ، إلا أنَّ المجاعة قامت بعملها، واستسلمت المدينةُ في ربيع الثاني من هذه السنة، ونَقَلت الدولةُ العثمانية بعد فتحِها لقبرص عددًا كبيرًا من سكان الأناضول الذين لا يزال أحفادُهم مقيمين في الجزيرة حتى الآن، ورغم ترحيبِ القبارصة الأرثوذكس بالحكم العثماني الذي أنقذهم من الاضطهاد الكاثوليكي الذي مارسته البندقية لعدة قرون، إلَّا أن احتلال العثمانيين أثار الدولة الكاثوليكية، ثم عرضت البندقيةُ الصلحَ مع الدولة العثمانية، فجرت بين الطرفين معاهدة تتخلى بموجِبِها البندقيةُ عن قبرص لصالح العثمانيين، وتحتفظ البندقية بجزيرة كريت وجزر الأرخبيل اليوناني، مع دفع غرامة مالية حربية خوفًا من تجديد القتال.