هو السُّلطانُ العثماني مرادُ الثالث بن سليم الثاني بن سليمان القانوني بن سليم الأول بن بايزيد الثاني بن محمد الفاتح بن مراد الثاني. ولِدَ سنة 951. قال عبد الملك العصامي المكي: "نشأ مرادٌ في ظِلِّ والده وجَدِّه على مهاد العِزِّ والسلطان في حجرِ الخلافةِ، راضعًا ثديَ العلم والعرفان، ولم تُعلَم له صبوةٌ مع توفُّرِ دواعيها، ولم يتناول شيئًا من المحرَّمات، بل ولا مِن المكروهات؛ فهو منذ ترعرع في شبابه صانه اللهُ عن المحاربة والمخاصمة الناشئة عن حظوظِ النفسِ وحبِّ الرئاسة، واستعمل نفسَه في العلم والعمل، ثم في الاستعداد للخلافة الإسلاميةِ، مع كمال النزاهة والعفَّة والنفاسة، ومنها أنَّ طريقته في الملبس والمأكل والمشرب والمركب طريقةُ الصالحين والزهَّاد ما عدا ما فيه خَلَل لنظام المُلك أو ضرر للعباد، وكان جلوسُه على تخت الخلافة الإسلامية في ثامِنِ شهر رمضان في اليوم الذي توفِّي أبوه فيه من عام 982، فجلس جلوسًا جامعًا لفضل الزمان والمكان، ومنحه الله تعالى من كثرة الخَراجِ والخزائن والعساكر ما لم يجمَعْه أحدٌ من أسلافه الأكابر، فإذا عزم على فتحِ أعظمِ الممالك جهَّزَ شرذمةً من عساكره المنصورة، ففتح كلَّ صعبِ المسالك، ومن النعمة العظمى إتمامُ عمارة المسجد الحرامِ الذي بُدئ بترميمِه في زمان جَدِّه السلطان سليمان سنة 980 وتمام التعمير في زمانه" توفِّيَ مراد الثالث عن عمر يناهز 49 عامًا، ودفن في فناء أيا صوفيا، فكانت مدةُ حكمه عشرين سنة وثمانية أشهر، ثم تولى بعده ابنُه محمد الثالث الذي جلس على سرير السلطنة بعد وفاة والده باثني عشر يومًا؛ لأنَّه كان مقيمًا في مغنيسا.