كان فيض الله أفندي معلم السلطان قبل جلوسه على كرسي السلطنة، وكان السلطان ولَّاه مسند المشيخة الإسلامية وصار يستشيره في كل الأمور، فأغاظ ذلك الصدر الأعظم حسين باشا كوبريلي لتدخُّل شيخ الإسلام في الأحوال السياسية التي ليست من متعلقات وظيفته أصلًا، وكان القبودان ميزه مورتو حسين باشا مدة حياته يجتهد في التأليف بينه وبين الصدر ويزيل النفور من قلوبهما، إلا أنه بعد وفاة القبودان استبدَّ الشيخ فيض الله أفندي في آرائه وأظهر العظمة، فلم يتحمل الصدر ذلك وقدم استعفاءه من الصدارة سنة 1114هـ, ثم أقام حسين باشا كوبريلي في ضيعة له منفردًا حتى مات بعد سبعة عشر يومًا ونُقلت جثته إلى إستانبول، ودفن في مدرسته المشهورة. وبعد أن استقال الصدر حسين باشا كوبريلي وجه السلطان الصدارة إلى دال طبان مصطفى باشا الذي التزم السير على الخطة التي يرسمها له شيخ الإسلام أفندي، ولما كان هذا الصدر يميل للحرب والقتال في الوقت الذي كانت فيه الدولة في أشد الاحتياج للمسالمة والراحة بعد الحروب الطويلة لتلتفت لإصلاح أحوالها الداخلية اختلت بذلك أحوال السياسة، وارتبكت العلاقات الخارجية حتى خيف على روابط السلم أن تنقطع, فلما تحقق للسلطان وبقية الوزراء أن الصدر دال طبان بخطته هذه سيوقع الدولة فيما تخافه من الحروب, وبعد أن وقع اضطراب وشغب بين صفوف الجنود، تم عزل الصدر دال طبان مصطفى باشا ثم قُتل، وعُين للصدارة رامي محمد باشا، وكان عالِمًا بالأمور الإدارية والأحوال السياسية، وقد تمكن بمساعدة محاميه شيخ الإسلام من تحسين الأحوال وإصلاحها، إلا أن شيخ الإسلام كان يميل إلى التغلب والتحكم في كافة الأمور، والصدر يريد مراعاة حقوق مقام الصدارة العظمى، أخذ يفكر في منع تسلط الشيخ الذي لما أحس بذلك أشعل نار الفتنة حتى استفحل أمر الهياج بين الجنود، وكان السلطان في ذلك الوقت بأدرنة -مدينة في إقليم تراقيا شمال غرب تركيا- لتولعه بالقنص كأبيه، ثم انتهت الفتنة بقتل شيخ الإسلام فيض الله أفندي.