جهز إبراهيم الشريف باي تونس مراكب صغارًا للغزو في سبيل الله، فغَنِمت إحداها غنيمةً بها ثلاثون نصرانيًّا وعدة صناديق بها أموال جزيلة، فدخلوا طرابلس فأحضرها خليل باي الجزائر بين يديه واغتصب منها أحد عشر نصرانيًّا واحتاط على الأموال بأسرها، فلم يُبقِ منها ولم يذرْ، واغتصب عدة صناديق بها آلات حرب وطردهم، فلما علم بذلك إبراهيم الشريف ورأى تجرؤَ خليل جمع جموعه ونصب ديوانًا في شأن تعدي خليل، فكان اتفاق الديوان على المدافعة والذب عن المال، فتجهز إبراهيم الشريف للخروج على طرابلس لمقاتلة خليل باي، فقدم قهواجي عثمان من الجزائر يحرضه على النهوض لطرابلس، وأرسل عساكر الجزائر مركبين لإبراهيم الشريف يطلبون منه الميرة؛ لقحط بلادهم تلك السنة، فتعلل إبراهيم الشريف باشتغاله بالسفر وعدم حصول الذخيرة، وأرسل لهم مائتي قنطار بشماطا، فلما جاءهم ذلك جمعوا ديوانًا، وقال حاكمهم: ألا ترون إلى إبراهيم الشريف يعطي القمح للنصارى ويمنع المسلمين، فما يريد إلا توهين عساكر الجزائر ليتقوى عليها، فخرج إبراهيم الشريف إلى طرابلس في العشر الأواخر من جمادى الآخرة من هذه السنة، فالتقى الجمعان في الثاني عشر من شعبان, فلم تكن إلا ساعة وانهزم خليل باي وأُخِذ منه مِدفَعا نحاس وثماني رايات وبغلان محملان مالًا، ومات من قوم خليل أزيد من ألف نفس وأُسر منه مثلُها، وفر خليل هاربًا فتبعته خيول إبراهيم الشريف فتنكر ودخل المدينة خائفًا من قومه حيث أوردهم هذه الموارد وما فعل بأهاليهم، ومكث إبراهيم محاصرًا لهم فضايق البلد أشدَّ مضايقة فطلبوا العفوَ وبذلوا المال، فأبى وامتنع، فتجدَّدت الحرب بين الفريقين ولم يزل متماديًا حتى قام الطاعون في المحلة ومات منها خلق كثير وفرَّ عنه العرب.