لَمَّا دخلت الدَّولةُ العُثمانيةُ في عِدَّةِ حُروبٍ في آنٍ واحدٍ مع الروسِ واليونانيِّين والبلغار والرومان والأرمن واليوغسلاف، أصبحت عاجزةً عن حمايةِ ولاياتِها وفَرْضِ النظامِ والتحَكُّمِ في الولاةِ الذين صاروا يَنصِبون ويَعزِلون حسَبَ نزواتِ الجُندِ في جوٍّ مشحون بالمؤامراتِ والعُنفِ. وفي كثيرٍ مِن الأحيان لم يبقَ الوالي في منصِبِه أكثَرَ مِن عام واحد، حتى إنه في الفترة ما بين سنة (1672 م-1711 م) تولى الحُكمَ أربعة وعشرون واليًا في ليبيا! ولقد مرَّت ليبيا بأوقاتٍ عصيبة عانى الليبيُّون فيها الويلاتِ نتيجةً لاضطراب الأمنِ وعدم الاستقرار، وفي هذه السَّنةِ قاد أحمد القره مانلي ثورةً شعبيةً أطاحت بالوالي العثماني، وكان أحمدُ هذا ضابطًا في الجيش العثماني، فقَرَّر تخليصَ ليبيا من الحكَّامِ الفاسدين ووضْعَ حدٍّ للفوضى، ولَمَّا كان شعب ليبيا قد ضاق ذَرعًا بالحُكمِ الصارمِ المستَبِدِّ، فقد رحَّب بأحمد القره مانلي الذي تعهَّد بحُكمٍ أفضَلَ، وقد وافق السلطانُ على تعيينه باشا على ليبيا، ومنحه قدرًا كبيرًا مِن الحُكمِ الذاتي، ولكِنَّ القره مانليين كانوا يعتبرون حتى الشؤون الخارجيَّة من اختصاصاتِهم.