اتحدت النمسا مع روسيا لمحاربة تركيا، وكانت الدولة خارجة من حرب إيران فساقت روسيا جيوشها تحت قيادة الفلد مارشال مونيخ، حاصرت فرقةٌ منه قلعةَ أزوف (آزاق). ودخلت فرقةٌ أخرى من برزخ أورقبو، وهددت بلاد القرم، وهاجمت فرقةٌ ثالثة قلعةَ كيلبرون فاضطرت تركيا لإعلان الحرب عليها، وسار الصدر الأعظم على رأس الجيوش، وساقت النمسا جيوشها على قلعة شهر كوي، ودخلت عساكرُها بلاد البوسنة، ثمَّ تقدَّمت الجيوش التركية وقاتلت النمسا، وانتصرت عليها، وشتَّتت جيوشها في الوقائع التي حدثت في خلال سنة (1149) و (1150) و (1151) هـ، واستردَّت تركيا جهات نيش وشهر كوي، ثم هزم جيش عوض محمد باشا جيشًا ثالثًا للنمساويين، وكان يتقدَّم على ويدوين، وأحرق العثمانيون لهم سبع سفن حربية، ثم عبرت الجيوش التركية نهر الدانوب، واستولوا على أراضي باجوه وحوالي مهاديا وإقليم طمشوار، واغتنموا جميع ذخائر ومدافع النمساويين. وفتح الصدر الأعظم قلعة أوسوفا وقلعة أطه وسمندرة، فاضطرت النمسا بإزاء هذه الهزائم المتوالية أن تطلُب الصلحَ، وتدخَّلت دول فرنسا وهولندا والسويد في الأمر، وفي أثناء ذلك انتصرت الجيوشُ العثمانية في واقعة كروسكا على الجيوش النمساوية. أمَّا جيوش روسيا فقد لاقت مثلَ ما لاقت جيوش النمسا من الاندحار، وذلك في الوقائع التي حدثت بقرب شاطئ نهر بروت وجهة أورقيو، ودخل الأسطول العثماني إلى البحر الأسود تحت قيادة القبودان سليمان باشا وسحَقَ الأسطول الروسي في بحر أزوف (آزاق). فطلبت الدولتان المتحدتان الصلحَ، فعقد على أن تسلم النمسا بلغراد وجميع البلاد الواقعة على الضفة اليمنى من نهري صاوه والدانوب، وهي التي كانت استولت عليها بانتصاراتها السابقة، وأن ترُدَّ إلى الدولة العثمانية أراضي أرسوه والبلاد المسماة بالأفلاق النمساوية، وأن تترك الدولة للنمسا المواقع التي استولت عليها في هذه الحرب، وهي يانجوه وطمشوار، وأن تكون الهدنة لمدة (27) سنة. أما الصلح مع روسيا فقضى عليها بهدم قلعة أزوف وألَّا يكون لها فيما بعد مراكب حربية ولا تجارية بالبحر الأسود، وبحر أزوف معًا، وأن تعيدَ للدولة كلَّ ما فتحته من البلاد، وأن تنقل تجارتها على سفن أجنبية. وبعد هذا الصلح أبرمت الدولة معاهدة هجومية دفاعية مع السويد ضد روسيا.