ولد محمد علي في مدينة قَوَلة الساحلية في جنوب مقدونيا عام 1769م، وهو تركي عثماني لا يمتُّ للألبانيين ولا لصقالبة مقدونية ولا يونانها بسببٍ ولا نسب، لكنَّه حين قدم مصر جاء مع الفرقة الألبانية التي أرسلها السلطانُ العثماني إلى مصر؛ ممَّا أشكَلَ أمره على البعض، فحسِبَ أنَّ له أصلًا ألبانيًّا! وكان محمد علي قد اختاره المصريون ليكون واليًا على مصر، فبعد جلاء الفرنسيين عن مصرَ استطاع محمد علي أن يسيطرَ على الوضع، وأن يحوز رضا العلماء والتجَّار والأعيان، حتى نادَوا به واليًا على مصر، وبعثوا برسالة للسلطان العثماني يطالبونه بتعيين محمد علي واليًا علي مصر، فاستجاب لرغبتهم، فتمَّ إعلانه واليًا على مصر في 17 مايو 1805م, كما كان لثورة عمر مكرم الشعبية أثرٌ في إبعاد خورشيد باشا عن حكم مصر وتهيئتها لمحمد علي الذي استقرَّ على أريكة الحكم في مصر هذا العام، وظل يحكمُها نحو 43 سنة، فقضى على المماليك في مذبحة القلعة الشهيرة، وكانوا مراكِزَ القوى ومصدرَ القلاقل السياسية، ممَّا جعل البلد في فوضى. وقضى على الإنجليز في معركة رشيد، وأصبحت مصر تتسم بالاستقرار السياسي لأوَّلِ مرة تحت ظلالِ الخلافة العثمانية. وبدأ محمد علي بتكوين أولِ جيشٍ نظامي في مصر الحديثة. وكان بدايةً للعسكرية المصرية في العصر الحديثِ، تمكَّن محمد علي أن يبنيَ في مصر دولةً عصرية على النسَقِ الأوروبي، واستعان في مشروعاتِه الاقتصادية والعلمية بخُبراء أوروبيين، ومنهم بصفةٍ خاصة السان سيمونيون الفرنسيون، الذين أمضوا في مصر بضع سنوات في الثلاثينات من القرن التاسع عشر.