سار الإمامُ سعود بجيوشِه التي استنفرها من جميعِ النواحي الحاضر والبادي من وادي الدواسر إلى مكة والمدينة، إلى جبلِ طيٍّ والجوف وما بين ذلك الدرعية، وقصد نقرة الشام المعروفة؛ لأنه بلغه الخبَرُ أنَّ بوادي الشام وعربانه من عنزة وبني صخر وغيرهم فيها, فلما وصل تلك الناحية لم يجِدْ فيها أحدًا منهم؛ إذ سبقه النذيرُ إليهم فاجتمعوا على دوخي بن سمير رئيس ولد علي من عنزة، وهو من وراء الجبَلِ المعروف بطويل الثلج قربَ نابلس نازلين عين القهوة من جبل حوران, ولما بلغ ابن سمير ومن معه إقبالُ سعود إليهم انهزم بمن معه من البوادي ونزلوا الغور من حوران, فسار سعود في تلك الناحية وأقبل فيها وأدبر واجتاز بالقرى التي حول المزيريب وبصرى، وكان أهلها قد هربوا عنها لَمَّا سمعوا بمسيره, ثم نزل عين البجَّة وروى منها المسلمون وشربت خيلهم وجيوشهم، ثم أقبل على قصر المزيريب، فظهر عليهم منهم خيلٌ، فحصل طرادٌ فانهزمت الخيل إلى القصر واحتصروا فيه, ثم ارتحل سعودٌ لأجل حصانته ونزل بصرى, وبات فيها ثم رجع قافلًا إلى وطنِه ومعه غنائمُ كثيرة من الخيل والمتاع والأثاث والطعام، وقُتِل من أهل الشام عِدَّةُ قتلى، وحصل في الشام رجفةٌ ورهبة عظيمة بهذه الغزوة في دمشقَ وغيرها من بلدانه وبواديه.