هو الإمامُ قائِدُ الجنودِ سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد بن سعود ثالثُ حُكَّام الدولة السعودية الأولى، ولد بالدرعية سنة 1165هـ وتولى الحكمَ بعد وفاة والده سنة 1218هـ يعتبر عصر سعودٍ قِمَّةَ ازدهار الحكم السعودي في الدولة السعودية الأولى؛ فقد استطاع إخضاعَ الحجاز وعمان، وبلغ حوران من الشام. يصِفُ ابن بشر الإمامَ سعودًا وعهده بقوله: "أَمِنَت البلاد وطابت قلوب العباد, وانتظمت مصالحُ المسلمين بحُسن مساعيه وانضبطت الحوادث بيُمْنِ مراعيه.., وكان متيقظًا بعيد الهمة، يسَّر الله له الهيبةَ عند الأعداء والحِشمةَ في قلوب الرعايا ما لم يره أحد في وقته, وكانت له المعرفةُ التامة في تفسير القرآن، أخذ العلم عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.. وله معرفةٌ بالحديث والفقه وغير ذلك، بحيث إنه إذا كتب نصيحةً لبعض رعاياه من المسلمين ظهر عليه في حُسنِ نَظمِه ومضمونِ كلامِه عدمُ قصورٍ في الاطلاع على العلوم, وقد رأيتُ العجب في المنطوق والمفهوم.. فمن وقف على مراسلاتِه ونصائحه عرفَ بلاغتَه ووفورَ عِلمِه، وإذا تكلَّم في المحافل أو مجالِسِ التذكير بهر العقولَ مِمَّن لم يكن قد سَمِعه, وخال في نفسِه أنَّه لم يسمع مثله, وعليه الهيبةُ العظيمة التي ما سَمِعْنا بمثلها في الملوك السالفة. بحيث إنَّ ملوك الأقطار لا تتجاسَرُ مراجعة كلامه ولا ترمقُه ببصَرِها إجلالًا له وإعظامًا، وهو مع ذلك في الغاية من التواضع للمساكين وذوي الحاجة، وكثيرُ المداعبة والانبساط لخواصِّه وأصحابه, وكان ذا رأيٍ باهر وعقل وافر.. وكان ثبتًا شجاعًا في الحروب محبَّبًا إليه الجهاد في صِغَرِه وكبره، بحيث إنه لم يتخلَّفْ في جميع المغازي والحِجَج، ويغزو معه العلماء من أهل الدرعية.. وإخوانه وبنو عمه كلُّ واحد من هؤلاء بدولة عظيمة من الخيل والركاب والخيام والرجال وما يتبع ذلك من رحائِلِ الأمتاع والأزواد للضيفِ وغيره, وقام في الجهاد وبذَلَ الاجتهاد، وفتحَ أكثر البلدان في أيامِ أبيه وبعد موتِه، وأُعطي السعادةَ في مغازيه, ولا أعلَمُ أنه هُزِمَت له راية، بل نُصِر بالرعب في قلوب أعدائه، فإذا سمعوا بمغزاه ومعداه هرب كلٌّ منهم وترك أباه وأخاه وماله وما حواه" وكان له مجلس علم في الدرعية بعد طلوع الشمسِ يَحضُرُه جمعٌ عظيم، بحيث لا يتخَلَّفُ إلا النادر من أهل الأعمال يجلسون حِلَقًا كُلُّ حلقة خلفها حلقةٌ، لا يحصيهم العَدُّ، فإذا اجتمع الناسُ خرج سعود من قَصرِه ويجلس بجانِبِه الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهو الذي يقرأ عليه، ومن الكتب التي تُقرأ عليه في هذا المجلس تفسيرُ ابن جرير الطبري، وابن كثير, وله مجالِسُ أخرى يُقرأ فيها عليه رياضُ الصالحين، وصحيح البخاري. توفي الإمام سعود ليلة الاثنين 11 جمادى الأولى من هذه السنة, عن عمر 74 سنة، وكانت ولايته عشر سنين وتسعة أشهر وأيامًا، وكان موته بعِلَّةٍ وقعت أسفل بطنه أصابه منها حَصَر بول, وكان قد أنجب 12 ولدًا وانقرضت ذريَّتُه سنة 1265هـ, وتولَّى بعده ابنه عبد الله خلفًا له.