خَرَج إليون مِن القُسطنطينيَّة ومعه مائةُ أَلفِ فارِس، فأُخبِرَ بذلك البَطَّال وهو عبدُ الله الأنطاكي فأَخبَر البَطَّالُ أَميرَ عَساكِر المسلمين بذلك، وكان الأَميرُ مالِك بن شَبيب، وقال له: المَصلَحةُ تَقتَضِي أن نَتحَصَّن في مَدينَة حَرَّان فنَكُون بها حتَّى يَقدُم علينا سُليمانُ بن هِشام بالمَدَد، فأَبَى عليه ذلك ودَهمَهم الجَيشُ، فاقْتَتَلوا قِتالًا شَديدًا والأَبطالُ تَحومُ بين يدي البَطَّال ولا يَتَجاسر أَحدٌ أن يُنَوِّه باسمِه خَوفًا عليه مِن الرُّوم، فاتَّفَق أن ناداهُ بَعضُهم وذَكَر اسمَه غَلَطًا منه، فلمَّا سمع ذلك فِرسانُ الرُّوم حَمَلوا عليه حَملةً واحِدةً، فاقْتَلعوه مِن سَرْجِه بِرِماحِهم فأَلقوه إلى الأَرضِ، ورَأى النَّاسَ يُقتَلون ويُأسَرون، وقُتِلَ الأميرُ الكَبيرُ مالِكُ بن شَبيب، وانكَسَر المسلمون وانطلقوا إلى تلك المدينة الخَراب فتَحَصَّنوا فيها، وانطَلَق ليون إلى المسلمين الذين تَحَصَّنوا فحاصَرَهم، فبينما هم في تلك الشِّدَّةِ والحِصار إذ جاءَتهُم البُرُدُ بِقُدومِ سُليمان بن هِشام بالمَدَدِ، ففَرَّ ليون في جَيشِه هارِبًا راجِعًا إلى بِلادِه -قَبَّحَهُ الله- فدَخَل القُسطنطينيَّة وتَحصَّن بها.