هو عبدُ الرحمن بن حسن بن إبراهيم الجبرتي، وُلِدَ في القاهرة عام 1753م والجبرتي نسبةً إلى بلدة جبرت، وهي بلاد زَيلَع في الحبشة، كان والِدُه من كبارِ العُلَماء الفَلَكيين، وحصل على ثروةٍ كبيرةٍ مِن عمله في التجارة، وقد رُزِق بنيِّف وأربعين ولدًا ذكَرًا، فعاش الجبرتي وسطَ أسرة ثرية، وكان تلميذًا لوالِدِه في مختلف المعارفِ، كما درس الجبرتي في الأزهر وبرَعَ في العلومِ العصريَّة وفي التاريخ، عُيِّنَ الجبرتي كاتبًا في الديوان لَمَّا دخل الفرنسيون إلى مصر، وانقطع بعدئذٍ للتأليف، وقد عاصر أحداثًا هامَّةً جدًّا، وكان الجبرتي ممن تأثَّروا بدعوةِ الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مصرَ، بل ويُعدُّ من أشَدِّ المتأثِّرين بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكان يرى أن الأتراكَ قد ارتكبوا خطأ كبيرًا عندما حاربوا دعوةَ الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأنصارَها؛ ممَّا دفع محمد علي باشا إلى التضييق عليه، بل والسَّعي للتخلص منه, وقد اشتهر بتاريخِه المعروف باسمِه (تاريخ الجبرتي) الذي عنوانُه: (عجائب الآثار في التراجم والأخبار) ابتدأه بحوادث سنة 1100هـ وانتهى سنة 1236هـ، وله (مَظهَرُ التقديس بزوال دولة الفرنسيس)، وتوفي في مصر، وقيل: إنه مات متأثرًا بقتل محمد علي باشا لابنِه خليل بسبَبِ موقفه المعارِضِ مِن حكم محمد علي وثورتِه على الدولة العثمانية، وأنَّ محمد علي أمره بكتابة كتابٍ لِمَدحه فرفض الجبرتي فهدَّده فرفض أيضًا؛ مما جعله يقوم بقتلِ ابنه خليل، فظل الجبرتي يبكي ابنَه حتى كفَّ بَصَرُه. ولَزِمَ بيته بعد تلك الفاجعة التي ألَمَّت به، لا يقرأُ ولا يكتُبُ ولا يتابِعُ الأخبارَ، حتى توفِّيَ بعد مقتَلِ ولده بحوالي ثلاث سنوات.