لما رجع الإمامُ تركي من بعض غزواته وخرج من الدهناء ونزل غدير وثيلان، أمَرَ على رؤساء النواحي وأمرائهم أن يجتمعوا عنده، فلما حضروا قام فيهم مذكِّرًا بنعمة الاجتماع بعد الفُرقةِ، ثم أغلظ الكلام على الأمراء وتهدَّدهم وتوعَّدَهم عن ظلم الرعايا وقال: " اسمَعوا يا أمراء البلدان، اسمعوا يا أمراء المسلمين، إياكم وظلمَ الرعايا والأخذ منهم غير الحقِّ، فإذا ورد عليكم أمري بالمغزى حملتموهم زيادةً لكم إياكم، وذلك فإنه ما منعني أن أجعل على أهل البلدان زيادة ركاب لغزوهم إلَّا من أجل الرفقِ بهم، وإني ما حمَّلتُهم إلا بعضَ ما حمَّلهم الذي قبل... ثم تكلم للرعايا فقال لهم: أيُّما أمير ظلمكم فأخبروني، فقام أمير بريدة عبد العزيز بن محمد بن عبد الله بن حسن فقال: يا إمامَ المسلمين خُصَّ بقولك ولا تعُمَّ به، فإن كنت نقمت على أحدٍ مِنَّا فأخبره بفِعلِه, فقال: إنما القولُ فيك وأمثالك، تحسبون أنكم ملكتم البلد بسيوفِكم، وإنما أخذها لكم وذَلَّلها سيفُ الإسلامِ والاجتماع على الإمام".