الموسوعة التاريخية


العام الهجري : 1269 العام الميلادي : 1852
تفاصيل الحدث:

حاولت روسيا إعادةَ اتفاقية خونكار أسكله سي، ولكِنَّ الدولة العثمانية رفضت ذلك، كما رفضت حقَّ حماية روسيا للنصارى المقيمين في الدولةِ العثمانية، وأُعيدَ رشيد باشا للصدارة العظمى بعدما عُزِلَ سابقًا؛ إرضاءً لروسيا، فهددت روسيا باحتلالِ الأفلاق والبغدان، فأبلغ الخليفةُ ذلك التهديدَ لسفراء الدول، فأعطت إنكلترا الأوامِرَ لقطعاتِها البحرية المنتَظِرة في مالطة بالتحَرُّك إلى مياه اليونان، والاشتراك مع القوَّاتِ الفرنسية فيها، ثم التوجُّه لمضيق الدردنيل، وأما القواتُ الروسية فقد تقَدَّمت واحتلَّت إقليمَي الأفلاق والبغدان، فسَعَت النمسا للصلحِ، وعُقدَ مؤتمرٌ للصُّلحِ في نهاية العام 1269هـ، ولكن انتهى دون نتائِجَ، وأرسلت الدولةُ العثمانيةُ بضرورةِ إخلاء ولايتي الأفلاق والبغدان في مدة خمسة عشر يومًا، وأمرت القائدَ عمر باشا بالتحَرُّك لدخول الولايتين عند انتهاءِ المهلة، وقد دخل فعلًا وأجبر الروس على الانسحابِ، كما انتصر العثمانيون في الوقتِ نفسِه في جهة القفقاس، واحتلُّوا بعضَ القلاعِ، ثم توقَّف القِتالُ بسَبَبِ الشتاءِ، واستنجد قيصر روسيا بملك النمسا فيما إذا تدخَّلت الدول الغربية فاعتذر، أما في البحرِ فقد دمَّرَت الأساطيل الروسية في البحرِ الأسود القطعاتِ العثمانيةَ في ميناء سينوب، ثم وصلت القطعاتُ الفرنسية والإنكليزية ولم تُجْدِ محاولاتُ الصلح، وكان موقف فرنسا وإنكلترا ضِدَّ روسيا حفاظًا على مصالحهم. وقد جرى اتفاقٌ في استانبول في الثاني عشر من جمادى الآخرة عام 1270هـ بين العثمانيين وفرنسا وإنكلترا على محاربة روسيا، وأن ترسِلَ فرنسا خمسين ألف جندي وترسِلَ إنكلترا خمسة وعشرين ألفًا على أن يرحلوا بعد خمسةِ أسابيع من الصلحِ مع روسيا، وأعلنت فرنسا الحربَ على روسيا بالاتفاق مع إنكلترا، ثم اتفقت الدولتان في لندن في العام نفسِه في الثاني عشر من رجب ألا تنفَرِدَ إحداهما بالاتصال مع روسيا أو الاتفاقِ معها، وأن تمنع روسيا من ضَمِّ أي جزء من الدولة العثمانية إليها، وجمعت جيوشَها في غاليبولي واستانبول، ثم بدأت المعاركُ البحرية قبل أن تَصِلَ الجيوشُ البرية وهَدَمَت القِطَعُ البحرية الإنكليزية والفرنسية قلاعَ مدينة أوديسا، واجتازت الجيوشُ الروسية نهر الدانوب وحاصرت مدينةَ سلستريا مدة خمسين يومًا ولم تستطع اقتحامَها، وجاء المدَدُ للعثمانيين فترك الروس الحصارَ وانسحبوا، وأراد العثمانيون ملاحقَتَهم واحتلال الأفلاق والبغدان حيث أخلاهما الروس إلَّا أن النمساويين قد احتلُّوا هذين الإقليمين ووقفوا في وجهِ العثمانيين، ثم نقلت الدُّولُ المتحالفة المعركةَ إلى أرض روسيا وحاصرت ميناءَ سيباستبول وهَزَمت الجيوش الروسية، ثم اقتَنَعت النمسا بالانضمام إلى الدُّوَل المتحالفة، ثم انضمت أيضًا مملكة البيمونت الإيطالية إلى التحالُف، والتي احتلَّت ميناء كيرتش وبحر آزوف؛ لمنع وصول الإمدادات الروسية إلى ميناء سيباستبول التي استطاع الحلفاءُ دُخولَه في ذي الحجة من عام 1271هـ، وحاصرت مدخل البحر الأبيض الشمالي، واحتلت بعضَ الموانئ على المحيط الهادي، ثم توغلت في أوكرانيا، أما الروسُ فاستطاعوا أن يدخُلوا مدينة قارص، ثم حلَّ الشتاءُ فتوقفت الحروب، ثم انضمت السويدُ إلى التحالف إلى أن وافقت روسيا على طلباتِهم التي زادت عما طُلِبَ منها سابقًا، وعُقِدَت في باريس معاهدةٌ تنصُّ على: تُخلَى المناطِقُ التي احتُلَّت أثناء الحرب من كلا الطرفين، ويُطلَق سراح الأسرى، ويَصدُرُ عفوٌ عامٌّ عن جميع الذين تعاونوا مع خصومِ دُوَلهم، تُطلَق حرية الملاحة في البحر الأسود للدول جميعًا، ولا تُنشَأُ فيه قواعِدُ بحرية حربية، تطلَقُ حرية الملاحة في نهر الدانوب، تبقى الصِّربُ مرتبطة بالدولة العثمانية ولها استقلالٌ ذاتيٌّ يُضمَنُ مِن قِبَل الدول، ثم اتُّفِق على تكوين دولةٍ شبهِ مستقلة تضم الأفلاق والبغدان تسمَّى الإمارات المتحدة، وتكون تحت حماية جميع الدول، فتخرج بالتالي من التبعية العثمانية، وكانت هذه المعاهدةُ في عام 1275هـ.