لم تنته الفتنة بين أبناء فيصل بموت سعود، بل استمَرَّت إلى أبعَدَ من ذلك؛ ففي عام 1291 هـ تولى عبد الرحمن بن فيصل إمامةَ نجدٍ بعد وفاة أخيه سعود، ومضى في حكمِه على أتمِّ وجه حوالي السنة، وبعدها اضطربت الأوضاعُ بالنسبة لعبد الرحمن؛ إذ جاء أخوه عبد الله الإمامُ الشرعي ومعه أخوه محمد من بادية العجمان -حيث كانا لاجئينِ سياسيينِ هناك- إلى الرياض ومعهما قوات من بدوِ عتيبة ومِن حَضَرِ الوشم، والتقيا بقواتِ عبد الرحمن الذي رفض التنازلَ لأخيه الكبير في بلدة ثرمدا، ونشبت الحرب بين الطرفين لم يصِلْ أحدهما إلى نصرٍ حاسم، فتفاوضا ونتج عن هذا التفاوض صُلحٌ مؤقت تمركزت فيه قواتُ عبد الله في الشمالِ، وظلت قوات عبد الرحمن تسيطِرُ على الرياض والجنوب.أمَّا بالنسبة لأولاد سعود فقد وقفوا بجانبِ عَمِّهم عبد الرحمن؛ لأنه كان يؤيِّدُ والدهم سعودًا في آخر أيامه، ومع هذا فلم يهدأ الوضعُ المتأزِّم؛ إذ ثار أبناء سعود ضِدَّ عمهم عبد الرحمن وأخذوا يطالبونَه بالحكم، وانقلبوا عليه بعد أن كانوا يؤيِّدونَه. ولم يستطع عبد الرحمن الصمودَ أمام ثورتهم، بل اضطرَّ تحت ضغطهم أن يخرجَ مِن الرياض ويلتجئ عند أخيه عبد الله في بادية عتيبة، وعاهده أن يتعاونَ معه ضِدَّ أولاد سعود!! وهكذا انعكس الوضعُ السياسي في نجد، فأصبح الحكمُ بيَدِ أولاد سعود بدلًا من عَمَّيْهم الشَّرعِيَّينِ، وكان لا بدَّ للعمَّينِ أن يقاوما أولادَ أخيهما حتى يستردَّا السلطة، فجمع عبد الله قواتٍ اتَّجَهت من الشمال نحو الرياض، إلَّا أن أولاد سعود لَمَّا رأوا تصميم عمَّيهم على الحرب، وضَعْفَ قوتهم، تركوا الرياض واتجهوا إلى مركزهم الأول الخَرج، وهكذا استطاع عبد الله وأخوه دخولَ الرياض بدون قتال عام 1293ه / 1876م.