قامت ثورةُ البلغار في نفس الوقت الذي قام فيه نصارى البوسنة والهرسك بثورتِهم بدعمٍ مِن النمسا والدول الأوروبية وخاصةً روسيا، فقد تأسَّسَت جمعياتٌ في بلاد البلغار؛ لنَشرِ النفوذ الروسي بين النصارى الأرثوذكس والصقالبة، وكانت تدعَمُها روسيا وتمدُّها بالسِّلاحِ، وتبذُلُ هذه الجمعياتُ بدورها جهدَها لإثارة سكَّان الصرب والبوسنة والهرسك، وتحَرِّضُهم على الثورة ضِدَّ العثمانيين. وعندما أنزلت الدولةُ العثمانية بعضَ الأُسَر الشركسية احتَجَّ البلغار على ذلك، فقاموا بثورة وساعدَتْهم روسيا والنمسا بالسلاح والأموال، فتمكَّنَت الدولةُ العثمانيةُ من القضاء على الثورة، فأخذت الدولُ الأوروبية تثير الشائعاتِ عن المجازِرِ التي ارتكَبَها العثمانيون ضِدَّ النصارى، والعكسُ هو الصحيحُ، وبهذه الشائعات أُثيرَ الرأي العام الأوروبي ضِدَّ الدولة العثمانية، وطالبت الحكوماتُ الأوروبية باتخاذ إجراءاتٍ صارمةٍ ضِدَّ العثمانيين، ومنها حصولُ البلغار على استقلالٍ ذاتيٍّ، وتعيينُ حاكم نصراني لهم، وقام الروس والألمان والنمساويون بدفعِ الصِّربِ والجبل الأسود للقيام بحربٍ ضدَّ العثمانيين، وكانت روسيا ترغَبُ في توسيعِ حدودِها مِن جهة بلغاريا، والنمسا تريد توسِعةَ حدودها من جهة البوسنة والهرسك، ووعدت هذه الدولُ أميرَ الصرب والجبل الأسود بالدعم. وشرع الجنودُ الروس بالتدفُّقِ سرًّا على بلاد الصرب، والجبل الأسود، وتمكَّنَت الدولة العثمانية من الانتصار على الصربِ وحلفائهم، فتدخَّلَت الدولُ الأوروبيَّةُ وطلبت وقفَ القتال، وإلَّا فالحرب الواسِعةُ، واجتمع مندوبو الدول الأوروبية في استانبول وقدَّموا اقتراحات للدولة، من أهمها: تقسيم بلاد البلغار إلى ولايتين، ويكون ولاتُها من النصارى، وأن تشكَّلَ لجنةٌ دولية لتنفيذ القرارات، وأن تُعطى هذه الامتيازاتُ لإماراتي البوسنة والهرسك أيضًا، وأن تتنازلَ الدولةُ عن بعض الأراضي للصربِ والجبل الأسود. ولكِنَّ الدولة العثمانية رفضت هذه القراراتِ، وعقدت صلحًا منفردًا مع الصرب سحَبَت نتيجته جيوشَها من بلاد الصرب، وأن يُرفَعَ العَلَمُ العثماني والصربي دليلًا على السيادةِ العثمانية. وطالب البعضُ -مِثلَ جلادستون زعيم المعارضةِ في البرلمان الإنجليزي- بطرد الدولة العثمانية من أوربا بحربٍ صليبيةٍ عامةٍ، لقد أدرك السلطانُ عبد الحميد الثاني لاحقًا أنَّ هدف الدول الغربية من هذه الإثارةِ هو السعيُ لإسقاطِ الدولة العثمانيةِ.