لما كانت إنجلترا قد بيَّتَت أمرًا فقد أعلنت تشكُّكَها في قدرة الحكومة المصرية الجديدة على حِفظِ الأمن، وبدأت في اختلاقِ الأسباب للتحَرُّش بالحكومة الجديدة، ولم تعجِزْ في البحث عن وسيلةٍ لهدفها، فانتهزت فرصةَ تجديدِ قلاعِ الإسكندرية وتقويةِ استحكاماتها، وإمدادِها بالرِّجال والسلاح، وأرسلت إلى قائدِ حامية الإسكندرية إنذارًا في 24 شعبان 1299 هـ / 10 يوليو 1882 م بوَقفِ عملياتِ التحصين والتجديدِ، وإنزال المدافِعِ الموجودة بها، ولما رفض الخديوي ومجلِسُ وزرائه هذه التهديدات، قام الأسطولُ الإنجليزي في اليوم التالي بضربِ الإسكندرية وتدميرِ قلاعِها، وواصل الأسطولُ القَصفَ في اليوم التالي، فاضطرت المدينةُ إلى التسليم ورَفع الأعلام البيضاء، واضطرَّ أحمد عرابي وزيرُ الدفاع إلى التحَرُّك بقواته إلى كفر الدوَّار، وإعادة تنظيم جيشِه، وبدلًا من أن يقاوِمَ الخديوي المحتلِّين، استقبَلَ في قصر الرمل بالإسكندرية الأميرال بوشامب سيمور قائِدَ الأسطول البريطاني، وانحاز إلى الإنجليز، وجعل نفسَه وسلطته الحكوميَّةَ رهنَ تصَرُّفِهم حتى قبل أن يحتلُّوا الإسكندرية! فأثناء القتالِ أرسل الإنجليز ثُلَّةً من جنودهم ذوي الجاكتات الزرقاء لحماية الخديوي أثناء انتقالِه مِن قصر الرمل إلى قصرِ التين عبر شوارع الإسكندرية المشتَعِلة. ثم أرسل الخديوي إلى أحمد عرابي في كفر الدوار يأمُرُه بالكَفِّ عن الاستعداداتِ الحربيَّةِ، ويحمِّلُه تَبِعة ضَرْبِ الإسكندرية، ويأمُرُه بالمثول لديه في قصر رأس التين؛ ليتلقى منه تعليماتِه.