كانت مَطامِعُ روسيا ومنذ عهد بطرس الأكبر الوصولَ إلى مياه الخليج العربي، والسيطرةَ على بلاد فارس المجاوِرة، والحُصولَ على قاعدة بحرية في الخليج العربي، وكانت بريطانيا هي المنافِسَ لروسيا؛ حيث استطاعت الملاحةُ في نهر الكارون، وعَقَدت الاتفاقيات مع الشاه، ومن جانبٍ آخر قام الروس بتسخير جيشٍ لحماية الشاه من الانقلابات والتمرُّدات العسكرية، فأصبح الروسُ لهم نفوذٌ في الشمال من إيران، ومن البريطانيين في الجنوب، وقامت بريطانيا بتقوية مراكزها التجارية على الموانئ مِثل بندر عباس والمحمرة وبوشهر، ومع ذلك أبدت رغبتَها في التعاون مع الروس لإيجادِ منفذٍ تجاريٍّ لها في شمال فارس، وفي الوقت نفسِه حَرَصت على عدم تقوِّي الروس في الجنوب حتى لا يُصبِحوا منافسين لها، فكانت تعمَلُ على إثارة الولايات للتمَرُّد على الولاية المركزية، وأما الروسُ فكان مشروعُ سكة الحديد إلى الكويتِ مِن البحر المتوسط مثيرًا لقلق البريطانيين، فقامت بريطانيا بتوقيع معاهدة مع الكويت بجَعلِها تحت الحماية البريطانية، وردًّا على الأمر حاولت روسيا التقرُّبَ من الكويت وحاولت الاستيلاءَ على ميناء بندر عباس وبعض الجزر الواقعة في مضيق هرمز، فأسست شركاتٍ للملاحة بين موانئ البحر الأسود وموانئ الخليج العربي، وفتحت قنصلياتٍ في بوشهر والبصرة, وهكذا كانت الدولتانِ تتنافسان مع الشاهِ بعَقدِ الاتفاقيات التجارية والامتيازات النفطية والتنقيبِ، حتى تطوَّرت الأمور وعَقَدت الدولتان الروسية والبريطانية اتفاقًا يحدِّدُ مناطِقَ نفوذ كلٍّ منهما على فارس؛ حيث كانت حصةُ روسيا أكبَرَ من بريطانيا.