هو تيودور هرتزل (بنيامين زئيف هرتزل) صحفيٌّ يهوديٌّ نمساويٌّ مَجَري، مؤسِّسُ الصهيونية السياسية المعاصِرة. ولِدَ في بودابست 1860م، وتلقَّى تعليمًا يطابقُ روحَ التنوير الألماني اليهودي السائدِ في تلك الفترة، الذي يغلِبُ عليه في صُلبِه الطابَعُ الغربي النصراني حتى سنة 1878م. اشتغل هرتزل بالصحافةِ في باريس كمراسِلٍ للصحيفة الفيينية المهمَّة آنذاك من عام 1891 إلى 1896م وحينها تشكَّلَت أفكارُه الصهيونية بعد أن عايش قضيَّةَ دريفوس، وهو نقيبٌ فرنسي يهودي اتُّهِمَ بالخيانةِ العُظمى بأنَّه أرسل ملفاتٍ فرنسيَّةً سرِّيةً إلى ألمانيا, فانقسم المجتمَعُ الفرنسي بين مؤيِّد له ومقتَنِعٍ ببراءتِه، ومعارضٍ يصِفُه بالخيانِة والعَمالة. كان المجتَمَعُ الفرنسي حينها يعادي الساميةَ وشديدَ الكراهية للإمبراطورية الألمانية. تابع هرتزل أحداثَ قضيةَ دريفوس في مراسلاتِه الصحفية, وهرتزل اليهوديُّ المندمج مع الأوربيين أصبح يفكِّرُ في المشكلة اليهودية وفي ضرورةِ إيجاد حلٍّ غيِر اندماج وانصهار اليهودِ في مجتمعات أوروبا الشرقيَّة والغربية، فالتيارُ المعادي للسَّامية، ورغبةُ اليهود في إثبات وجودِهم كشعب، يدعوان إلى البحثِ عن بديلٍ للاندماج، فجاءت الإجابةُ في الكُتَيِّب الذي انتهى من تأليفه يوم 17 يونيو 1895 والذي نُشِرَ سنة 1896 تحت عنوان: (الدولة اليهودية). وإن لم يجِدِ الكُتَيِّب صدًى واسعًا في البداية إلَّا أنه وَضَع فعلًا حجرَ الأساس لظهورِ الصهيونية السياسيَّة وتأسيسِ الحركة الصهيونية بعد انعقادِ المؤتمر الصهيوني الأول في بازل بسويسرا عام 1897م، والذي دعا لعقده هرتزل، وجمع له أساطينَ اليهود من حاخامات يهود وسياسيين وإعلاميين ورجال أعمال، وانتُخِبَ فيه هرتزل رئيسًا للمنظَّمة الصهيونية العالمية، وأُعطِيَ الصلاحيَّات في السعيِ لإقامة وطنٍ قومي لليهود في فلسطين، ووُعِدَ بالدعم المادي لتحقيقِ هذا الغرض، وبدأ بمقابلة عددٍ مِن شخصيات عديدةٍ من دول مختلفة، مثل: القيصر الألماني، و السلطان العثماني عبد الحميد الثاني؛ بحثًا عن مؤيدين للمشروع الصهيوني. لكنَّ جهودَه فَشِلت وتَرَكت المجال مفتوحًا لمواصلة العمل على تأسيس الدولة اليهودية, وهلك هرتزل هذا العامَ بمدينةِ فيلاخ في النمسا.