ظهر الأميرُ محمد عبد الكريم الخطَّابي عام 1921 م في منطقة الريف، واستطاع أن يفجِّرَ الثورة فيها ضدَّ الأسبان وأن يحقِّقَ العديد من الانتصارات على الأسبان، وأصبح وجودُ الأسبان قاصرًا على مدينة تطوان وبعض الموانئ والحصون في الجبال، وأسَّسَ الأميرُ إدارةً منظمة للمناطِقِ المحرَّرة وحكَمَها حكمًا شبيهًا بالحُكمِ الجُمهوري الرئاسي، وألَّف مجلِسًا لرؤساء القبائل، وجعل الوزراءَ مسؤولين أمام هذا المجلس، وأعلن الخطابيُّ أنَّ أهداف حكومتِه هي طرد الأسبان والفرنسيين من المغرب، وتحريرُ باقي بلاد المغرب العربي. ولم يقتصِرْ جهاد الأمير على القتالِ ضِدَّ الأسبانِ، بل إنَّه استخدم جمهوريةَ الريف التي شكَّلَها في الضغطِ على القوات الفرنسية، وتحريضِ القبائل على التمَرُّد والعصيان في منطقة النفوذ الفرنسي، بدءًا من عام 1925م، وبدأت الصدماتُ المتواليةُ تقعُ بين الأمير والقوات الفرنسية، وأوقع بالفرنسيين خسائِرَ فادحة. وكان من الطبيعيِّ إزاء تلك القوَّةِ الصاعدة التي تمتلِكُ قائدًا كُفئًا ومقاتلين شجعان: أن تتجَمَّعَ القوى الاستعمارية ضِدَّها، فتَمَّ عَقدُ مؤتمر بين أسبانيا وفرنسا في مدريد عام 1925م لتنسيق الأعمالِ الحربيَّة بينهما ضِدَّ الأمير عبد الكريم الخطابي، وتدفَّقَت القوات الفرنسية والأسبانية على المغربِ، بل وأيضًا تم استخدامُ بعض المرتزقة من الطيارين الأمريكان في تلك المعركة، وحَشَدت فرنسا وأسبانيا قواتِها البحريةَ والبرية والجويةَ كمحاولة للقضاء على الأميرِ، واستطاع الأميرُ أن يصمُدَ من مايو 1925م إلى مايو 1926م أي: عامًا كاملًا، أمام جحافِلِ دولتين أوربيتين، هما فرنسا وأسبانيا، وأخيرًا تم القضاءُ على قوات الأمير، وسقط في الأسْرِ.