لم يعُدْ تنظيمُ الاتحاد والترقي خافيًا على الدولة ولا على الناسِ، بل قَوِيَت شوكتُهم العسكرية وألَّفوا عصاباتٍ في وجهِ الحكومة؛ إذ كان من ضِمن أعضائِه ضباطٌ كبار من الجيش الحكومي، وكان هذا التنظيمُ يسيطِرُ على الفيلق الأوَّلِ مِن الجيش الحكومي، وكذلك الفيلق الثاني والثالث، أما الرابع فكان فيه أنصارٌ لهم، فأرسل رجالُ الاتحاد والترقي البرقياتِ مِن كبريات المدن في الجهة الأوربية (سلانيك ومناستر وسكوب وسيرز) إلى الصدرِ الأعظم يهدِّدون فيها بالزَّحفِ على استانبول إن لم يُعلَن الدستور الذي كان قد وُضِعَ سابقًا عام 1876م من قِبَل مدحت باشا، وهو من كبارِ مؤسِّسي تنظيم الاتحاد والترقي، فدعا السلطانُ عبد الحميد الثاني مجلسَ الوزراء إلى الانعقاد، إلَّا أن رجال الاتحاد والترقي أعلنوا عن الحريةِ في سلانيك ومناستر بشعارات الماسونية (العدالة والمساواة والأخوة)، واضطرَّ السلطان أن يصدِرَ أوامره بمنحِ الدستور، وأعلن الدستور والحريات، وصدر العفو العامُّ، وفُتِحَت أبواب السجون، واجتمع المجلِسُ وفاز فيه الاتحاديون بأغلبيةٍ كبيرة، وتسلم أحمد رضا رئاسةَ المجلس، وهو مؤسِّسُ جمعية تركيا الفتاة، ويعتبر تنظيمُ الاتحاد والترقي هو الجناحَ العسكريَّ للجمعية.