الموسوعة التاريخية


العام الهجري : 1329 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1911
تفاصيل الحدث:

قُبَيل انتهاء المؤتمر القبطي بمصر نشرت بعضُ الصحفِ أنباءً عن تكوينِ لجنةٍ بالإسكندرية تضُمُّ بعضَ الأعيان في الأقاليم، مكلَّفةً بعقد مؤتمر ديني يضمُّ مندوبين عن المسلمين واليهود المصريين والنصارى؛ للنظر في المسألة القبطية. وفي ذات الوقت دارت اجتماعاتٌ في القاهرة بين عددٍ كبيرٍ مِن المشتغلين بالمسائل العامة، ومنهم فريق من حزب الأمة؛ لمناقشة المسألة القبطية ونتائج انعقاد المؤتمر القبطي في أسيوط، ودعا هؤلاء لجنةَ الإسكندرية لمشاركتهم في عقد اجتماع عام. وفي 8 ربيع الأول تم عقدُ اجتماع ضم عددًا من الشخصيات العامة، وقرَّروا تأليف وفد من 12 شخصية للتوجُّه إلى منزل مصطفى فهمي باشا رئيس الوزراء المصري الأسبق؛ ليعرضوا عليه رئاسة المؤتمر، وقرَّر هؤلاء تسميةَ المؤتمر بالمؤتمر المصري. وقد أرادت الشخصياتُ التي دعت إلى المؤتمر أن يدورَ في إطار الوحدة الوطنية، وأن يبحثَ المؤتمر الشؤون المصريةَ جميعًا بما فيها مطالب القبط. وعقدت اللجنةُ التحضيريةُ للمؤتمر أولى جلساتها بمنزل "علي شعراوي"، وقرَّرت حصرَ مقاصد المؤتمر في النظر في الشؤون العامة والاقتصادية والاجتماعية والأدبية، ومناقشة مطالب القبط وتمحيصها، وقرَّرت أنه لا يجوز للمؤتمر الاشتغالُ بالمسائل السياسية. وعُقِدَ المؤتمر المصري يوم السبت 30 ربيع الآخر -أي: بعد انعقاد المؤتمر القبطي بـ52 يومًا- في القاهرة بضاحية مصر الجديدة. وتم عقدُ جَلستين تحضيريتين في منزل "علي شعراوي" اتفق فيهما على الأُطُر الأساسية التي سيناقشها المؤتمر، واتفقوا أنَّ هناك رابطًا يجمع المسلمين والأقباط هو رابِطُ المصرية، وأن هذا الرابط هو المعيار الأصيل في المحاسبة!!! وأنَّ هذا الرابط يفرِضُ على الجميع البحثَ عن السبل التي تقود إلى الوفاق الوطني بين عنصرَيِ الأمة المصرية. وأشيرَ في تقريرٍ أعدَّته اللجنةُ التحضيرية لهذا المؤتمر، إلى أنَّ الحضور في مؤتمر أسيوط القبطي يستصغرون ما في أيديهم من السلطةِ ويستكثرون ما في أيدي المسلمين، وأن هؤلاء عوَّلوا وحدهم على أن يكونوا أمةً مستقلَّةً من دون المصريين، وتذرَّعوا بتلك المطالب حتى يَصِلوا بمعونة بريطانيا وفرنسا إلى أن تكون لهم السيادةُ على الأكثرية المسلِمة. وقد كان انعقادُ المؤتمر بتشجيع من المعتمد البريطاني في القاهرة "إلدن جورست"، وكان هدفُ الإنجليز منه هو إشعالَ الفتنة بين المسلمين والأقباط في الوقت الذي يكسبُ فيه الإنجليز الطرفين معًا؛ ولذا أصدر "جورست" تعليماتِه بعقد المؤتمر المصري. واستفاد الاحتلالُ مِن عقد المؤتمرين القبطي والمصري كمؤتمرين انقساميَّين، إلا أنَّ استفادته من المؤتمر المصري كانت أكبر؛ لأنَّ تجميع كل هذه الأحزاب والقوى المصرية دون أن يكونَ لها موقِفٌ من الاحتلال أو حتى معارضة له هو انتصارٌ لسياسة الاحتلال التي حرصت على ألَّا يأخذ المؤتمر أيَّ طابع سياسي، وأنَّ الوقيعة بين المسلمين والأقباط ما هي إلا زيادةٌ في قبضة الاستعمار على الجميع، ولجوء الجماهير إلى الهدوء والاستكانة حتى لا تُتَّهمَ بالتعصُّبِ والإرهاب!