عندما اجتاحت القوات الإيطالية طرابلس قبضت على ألوف من أهلها في بيوتهم ونفتهم بدون أدنى مسوِّغ إلى جزر إيطاليا؛ حيث مات أكثرهم من سوء المعاملة. وأباد الإيطاليون في غير ميدان الحرب كل ليبي يزيد عمره على (14) سنة، وأحرقوا يوم 26 تشرين الأول أكتوبر أحياءً خلف بنك روما، وبعد أن ذبحوا كثيرًا من السكان بينهم النساء والشيوخ والأطفال، في اليوم التالي وصف أحد المراسلين ما وقع عليه بصرُه بقوله: (صادفت 50 جنديًّا يقودون ستة من الليبيين إلى خرابة يستعملها الجنود لقضاء الحاجة، ولما أدخلوهم إليها اشترك الضباط والجنود في قتلهم بالمسدسات والبنادق، وما كدت أفِرُّ من هذا المشهد حتى رأيت ما هو أشد هولًا، وهو طائفة من الجنود يسوقون (50) ليبيًّا بين رجال وأطفال، وأدخلوهم إلى مكان قد تهدم، وبدأ الضباط يقتنصون هذا الصيد الكريه بمسدساتهم وبنادق جنودهم مدة عشرين دقيقة. وكلما سَمِعوا أنينًا من جثة أعادوا عليها النار حتى انقطع الأنين!). واستمر الجيش الإيطالي ثلاثة أيام يطلق الرصاص على كل من يلقاه من الليبيين. فهلك عددٌ من النساء والأطفال، وبلغ مجموع القتل خلال ثلاثة أيام أربعةَ آلاف ليبي. ولما كانت (واحة جغبوب) هي مركز السادة السنوسية، فقد حرص الإيطاليون على إبادةِ رجال الدين فيها، ومحو معالم الإسلام. وأصدرت الحكومةُ الإيطالية أمرًا بإقفال جميع الكتاتيب التي تعَلِّم الأطفالَ أمور دينهم، وتحفِّظُهم القرآن الكريم.