هو السلطانُ حسين كامل سلطان ابن الخديوي إسماعيل، حَكَمَ مصر تحت الاحتلال البريطاني، ولِدَ في القاهرة، ولما بلغ الثامنة التحق بمدرسة قصر النيل التي أنشأها والده ليتعلَّم فيها، بخاصة أولاده وأولاد الأعيان. ولي حسين كامل سلسلةً من المناصب الإدارية. وأقام في طنطا فترةً بوصفه مفتشًا للدلتا، وأشرف على النهوض بقنوات الري في هذه المنطقة. وكذلك خدم مراتٍ عدةً في وزارات المعارف والأوقاف والأشغال العمومية، والداخلية والمالية. وعمل في مجالس إدارة كثيرٍ مِن الشركات الأجنبية، مثل سكة حديد الدلتا. على أنَّ خير ما أسداه من فضلٍ هو نهوضه بالزراعة في مصر، وأنشأ في دمنهور مدرسةً تجارية صناعية، ورأس مدة قصيرة مجلس شورى القوانين والمجلس التشريعي، ولكنه استقال من المجلسين سنة 1909 إثرَ الأزمة التي نشأت حول تمديدِ امتياز قناة السويس. ولما أعلنت تركيا الحربَ على بريطانيا سنة 1914. وشكَّت بريطانيا في أن الخديوي عباس حلمي الثاني يتعاطفُ مع تركيا فضلًا على تأييده للوطنيين في مصر، فعزلته وأقامت الأميرَ حسين كامل حاكمًا على مصر، وأطلقت عليه لقب سلطان؛ نكاية بالسلطان العثماني، وكان قبولُ حسين كامل للسلطنة قد قوبِلَ بمعارضة العناصر الوطنية؛ إذ رأوا أنَّ قبولَه لها في ظِلِّ الاحتلال البريطاني والحكومة العسكرية مَهانةٌ قومية. بل إن كثيرًا من هذه العناصر رأت أنها خيانةٌ عظمى ارتكبها في حَقِّ الدولة العثمانية المُسلِمة في حربها مع بريطانيا. بل نظر بعضُ الوطنيين إلى السلطان وحكومةِ الحرب التي يرأسُها حسين رشدي باشا إلى أنها أدواتٌ في يد سلطات الاحتلال البريطاني، فاستفحلت الوحشةُ بين الجمهور وبين الحكومة والسلطان؛ ولذلك ما إن تربَّع السلطان حسين على دست الحكمِ حتى باشر واجباتِه فمضى يمحو البقيةَ الباقية من آثار السلطان التركي على مصر ومظاهره الإدارية والقضائية، وعلى الرغم من كل هذا إلا أن علاقة السلطان حسين كامل بالسلطات البريطانية في مصر لم تكن في جميع ِالأحوال علاقاتٍ وديةً أو وثيقة؛ فقد كانت بريطانيا في مصر تنظر بعين السخط إلى أنه يعمَلُ على تقوية الروابط بينه وبين الحركة الوطنية؛ ومن ثم فإن البريطانيين كانوا لا يقرُّون محاولات السلطان بالظهور في صورة الزعيم الشعبي، في حين أن الشعب المصري كان ينكِرُ منه أنه أداةٌ في يد البريطانيين. بدأت صِحَّةُ السلطان حسين تضمحِلُّ إلى أن توفي في هذا العام، وكان ابنه الأمير كمال الدين حسين قد أعلن من قَبلُ نزوله عن حقه في وراثة عرش مصر، فخَلَف السلطانَ حسين أخوه الأميرُ فؤاد الذي أصبح ملكًا بعد ذلك.