وعدُ بلفور أو تصريحُ بلفور، هو وعدٌ لليهود يمنَحُهم حقَّ إقامة وطن قومي في فلسطين، وهو وعدٌ مشؤوم بالنسبة للمسلمين يناقِضُ ما أبرمه الإنجليزُ مع الشريف حسين في مراسلات "حسين، مكماهون" والوعودَ بإقامة خلافةٍ عربية إسلامية في البلاد العربية مقابِلَ إعلان العرب الثورةَ على الدولة العثمانية!! ولقد أثار اشتراكُ الإمبراطورية العثمانية في الحربِ ضِدَّ الحلفاء الأطماعَ الصهيونية، وكان على رأس زعمائهم في إنجلترا حاييم وايزمان الذي كتب إلى زعماء الصهيونية في أمريكا طالبًا دعم الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون الذي وصل للرئاسة بفضلِ تمويل اليهودِ فهو تابعٌ لهم، وأما في بريطانيا فكان اليهودُ قد أطاحوا بحكومةِ رئيس الوزراء هربرت هنري سكويت المعروفِ بعدائه لليهود، وموَّلوا حكومةً ائتلافية فيها ديفيد لويد جورج المحامي عن الحركة الصهيونية ووينستون تشرشل الماسوني والمؤازر للصهيونية، ثم أعلنت بريطانيا إرسالَ وزير خارجيتها بلفور إلى الولايات المتحدة للاتصالِ بممثلي المصارف الأمريكية (غالبهم إن لم يكن كلهم من اليهود) وإبلاغهم رسميًّا بأنَّ الحكومة البريطانية ستتبنى رسميًّا مشاريعهم المتعلِّقة بالصهيونية مقابِلَ تعهُّدهم بإدخال أمريكا إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية، ثم دخلت أمريكا الحربَ، وكانت أول كتائبها وصلت إلى فرنسا في حزيران 1917م وتكفَّلت بريطانيا بإعادة تأسيس فلسطين كوطنٍ قومي لليهود، وكأن أرض فلسطين ملكُ آبائهم! وكان وعد بلفور صدر في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) وهو عبارةٌ عن خطاب من آرثر جيمس بلفور وزيرِ خارجية بريطانيا إلى المصرفيِّ اليهودي اللورد ليونيل وولتر دي روتشلد، وجاء فيه: "أن حكومة جلالة الملك تنظرُ بعين العطفِ إلى تأسيس وطنٍ قوميٍّ للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل جهدَها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليًّا أنه لن يؤتى بعمَلٍ من شأنه أن يجحَفَ بالحقوق المدنية والدينية التي تتمتَّعُ بها الطوائف غير اليهودية الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتَّعُ به اليهود في البلدان الأخرى" وقد تمسَّكت الحكومات البريطانية المتعاقبة بهذا التصريح الذي أصبح عن طريق الانتداب إلزامًا دوليًّا، وكان من غايات بريطانيا لهذا هو حماية مصالحها في السويس، فكان هذا أولَ الغدر الظاهِرِ، وليس أوَّله بالكلية، وأبدى العربُ والقوميون الذين كانوا مخدوعين بالوعود الإنجليزية استياءَهم، ولكن لاتَ حينَ مناصٍ!!!