بعد أن سيطر الحلفاء على استانبول وألقِيَ القبضُ على رئيس الوزراء، وحُلَّت جمعيةُ الاتحاد والترقي، واغتيلَ أكثَرُ أعضائها، وأُقيل مصطفى كمال من منصبِه، وأعلنت الحكومة تمرُّدَ مصطفى كمال الذي ظهر بمظهرِ البطل الثائر حتى لقَّب نفسه بالغازي، فتقدَّم إلى الغرب من الأناضول، وحاصر أسكي شهر فانسحب الإنجليزُ منها دون مقاومة، فدخلها بصورة الفاتح ودخل قونية، وأعلن إجراءَ انتخابات جديدة بحيث تكون أنقرة مقرًّا للمجلس الجديد، فنجح أنصاره، واجتمع المجلس وبدأ يعمل على تشكيل جيشٍ خاصٍّ، أما الحكومة فسيطرت على كافةِ المناطق وبَقِيَت أنقرة وحدها، وكادت تسقط، فأذاع الحلفاء في هذا الوقت شروطَ معاهدة سيفر التي وافق عليها الخليفةُ ورئيس الوزراء الداماد فريد باشا مرغَمَينِ، ولما فيها من إجحافٍ بحقِّ الدولة المهزومة فقد ثار الأهالي؛ إذ تنص المعاهدة على: إقامة دولة في استانبول، آخر الولايات العربية من الدولة، إعطاءُ الاستقلال لأرمينيا، إعطاء كردستان استقلالًا ذاتيًّا، تُعطى تراقيا وجزر بحر إيجة لليونان، توضع المضائق تحت إشراف دولي، يوجِّهُ الحلفاءُ الجيشَ ويحدَّدُ عدد أفراده، يحِقُّ للحلفاء السيطرة على المالية، فبدأت ثورة الأهالي على الحكومة لتوقيعها المعاهدة، وبدأ مصطفى كمال الهجومَ على الحكومة الذي أعلن أنها عميلة، وبدأت كِفَّتُه ترجح، ودعت إنجلترا لعقد مؤتمر في لندن لإعادة النظر في معاهدة سيفر، ثم قوِيَ أمر مصطفى كمال، واتفق مع الدول الأخرى؛ إذ اتفق مع اليونان على إعطاء أزمير استقلالًا ذاتيًّا تحت حكم نصراني، وتنازل لروسيا عن باطوم في جورجيا، وانسحبت فرنسا من كيليكيا جنوب الأناضول بتركيا، وانسحبت إيطاليا من أنطاكية، واستطاع أن يهزم اليونانَ واضطرَّهم للانسحاب من تركيا، فظهر مصطفى كمال بصورة البطل المغوار!!!