انعقد المؤتمر السوري واتخذ عدةَ قراراتٍ تاريخية تنصُّ على إعلان استقلال سوريا بحدودها الطبيعية استقلالًا تامًّا بما فيها فلسطين، ورفْض ادِّعاء الصهاينة في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وإنشاء حكومةٍ مسؤولة أمام المؤتمر السوري الذي هو مجلس نيابي، وكان يضم ممثِّلين انتخبهم الشعب في سوريا ولبنان وفلسطين. وتنصيب الأمير فيصل حسين ملكًا على سوريا الكبرى، فاستقبلت الجماهيرُ المحتشدة في ساحة الشهداء هذه القراراتِ بكل حماس بالغ وفرحةٍ طاغية باعتبارها محقِّقةً لآمالهم ونضالِهم من أجل التحرر والاستقلال. وتمَّ تشكيلُ الحكومة برئاسة رضا باشا الركابي، وضَمَّت سبعةً من الوزراء، من بينهم فارس الخوري، وساطع الحصري -فيلسوف القومية العربية ومنظِّرها- ولم يَعُد فيصل في هذا العهد الجديد المسؤولَ الأول عن السياسة، بل أصبح ذلك منوطًا بوزارة مسؤولة أمام المؤتمر السوري، وتشكَّلت لجنة لوضع الدستور برئاسة هاشم الأتاسي، فوضعت مشروعَ دستور من 148 مادة على غرار الدساتير العربية. لم يلقَ هذا استحسانَ وقبول الحلفاء، ورفضت الحكومتان: البريطانية والفرنسية قراراتِ المؤتمر في دمشق، واعتبرت فيصل أميرًا هاشميًّا لا يزال يدير البلاد بصفته قائدًا لجيوش الحلفاء في الشام، لا ملكًا على دولة. ودعته إلى السفر إلى أوروبا لعرض قضية بلاده؛ لأن تقريرَ مصير الأجزاء العربية لا يزال بيد مؤتمر السلم المنعقد في "سان ريمو" الإيطالية، والذي جاءت قراراته مخيِّبةً لآمال العرب.