استمرَّت حركة المقاومة في ليبيا حتى نشوب الحرب العالمية الأولى سنة (1332هـ / 1914م)، ودخلت إيطاليا الحربَ إلى جانب الحلفاء، بينما كانت تركيا حليفًا لألمانيا، ومن ثمَّ فقد جاهرت تركيا بمساندتها وتأييدها للِّيبيين بقيادة أحمد السنوسي، ومناصرتهم في حربهم ضِدَّ عدوهم المشترك. ولكنْ ما لبثت العلاقاتُ أن تعقَّدت بين السنوسي والأتراك الذين نجحوا في الوقيعة بينه وبين الإنجليز فأغلقوا بدورهم طريق مصر في وجهه، وازداد الأمر حرجًا مع سوء الأحوال الاقتصادية وحدوث المجاعة التي أودت بحياة مئات الليبيين نتيجة انتشار الأمراض، وتفشِّي وباء الطاعون، الأمرُ الذي اضطر السنوسي إلى التفاوض مع القوتين المتحالفتين: إنجلترا وإيطاليا في (24 من جمادى الآخرة 1335هـ / 16 من إبريل 1917م). وقد أسفرت تلك المفاوضات عن اتفاق "عكرمة" الذي حدد مناطِقَ نفوذٍ لكلٍّ من السنوسيين والإيطاليين، كما نصَّ على إيقاف الحرب، وأتاح حريةَ التنقل بين كلتا المنطقتين. وتمَّ عقدُ اتفاق آخر بعد ذلك، عُرِفَ باتفاق "الرجمة"، تم بموجِبِه الاعتراف بالسنوسي حاكمًا مدنيًّا وزعيمًا للقسم الداخلي من برقة، ومُنِحَ لقب أمير، وأصبحت تلك المنطقة تخضع لنظامِ حُكمٍ وراثي ينحصر في السنوسي وأولاده من بعدِه.